للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[ما تدرك به المكتوبة]

قال المصنف رحمه الله: [تدرك المكتوبة بإحرم في وقتها] إذا أحرم فقال: (الله أكبر) قبل أن يخرج الوقت فقد أدرك الوقت وأصبحت صلاته أداءً لا قضاءً، هذا قول، والقول الثاني أنه لا يُدرك إلا بإدراك ركعة، وهذا هو الصواب الصحيح أنه لا يدرك الوقت إلا بإدراك ركعة، قال صلى الله عليه وسلم: (من أدرك ركعة من الصبح قبل أن تطلع الشمس فقد أدرك الصبح، ومن أدرك ركعة من العصر قبل أن تغرب الشمس فقد أدرك العصر) ، يعني: فيضيف إليها باقي الصلاة.

لكن ورد في رواية: (من أدرك سجدة من الصبح قبل أن تطلع الشمس) ، وحملت السجدة على أن المراد بها الركعة التي هي قيام وقعود وركوع وسجود، فمن أدرك ركعة عُدّت صلاته أداءً وإلا فهي قضاء، ويحرُم تأخيرها إلى وقت لا يسعها، ويحرم أن يؤخرها إلى أن يبقى وقتٌ يضيق عن أدائها، فإذا كانت -مثلاً- صلاة الفجر تستغرق أربع دقائق فأخرها إلى أن لم يبق إلا ثلاث أو دقيقتان حرم عليه، أو صلاة العصر تستغرق أربع دقائق أو خمساً فأخرها حتى لم يبق بينه وبين غروب الشمس إلا دقيقتان، فلا يجوز ذلك.

والصلاة لا بد أن تكون في الوقت، فلا يصلي حتى يتيقن أن الوقت قد دخل؛ لأنه ربما يؤديها قبل دخول الوقت فلا تجزئ، فلا يصلي الظهر حتى يتحقق أن الشمس قد زالت، ويعرف الزوال بزيادة الظل إذا كانت الشمس طالعة، وإذا كان غيماً فبالتحري أو يغلب على ظنه دخوله إن عجز عن اليقين.

إذا غلب على الظن أنه قد زالت الشمس أو قد طلع الفجر إن كان هناك -مثلاً- غيم، يعني: قبل انتشار الساعات الموجودة؛ لأن الساعات تحدد الوقت.

ويعيد إن أخطأ: فلو قدر -مثلاً- أنه صلى الفجر قبل أن يطلع الفجر، ثم تبين أنه أخطأ فيعيد، وكذلك لو تبيّن أنه صلى المغرب قبل غروب الشمس ولو بدقيقة فيعيد.

قال المصنف رحمه الله: [من صار أهلاً لوجوبها قبل خروج وقتها بتكبيرة لزمته وما يجمع إليها قبلها] من صار أهلاً لوجوبها.

يعني: من وجبت عليه قبل أن يخرج وقتها بتكبيرة لزمته وما يجمع إليها قبلها.

إذا أدرك من آخر وقتها قدر تحريمة وهو أهل لوجوبها لزمته، يدخل في ذلك مثالان: المثال الأول: المجنون، إذا أفاق قبل أن تغرب الشمس بدقيقة أو بتكبيرة لزمته العصر وما يجمع إليها، لأنه أدرك آخر العصر، والذي يجمع إليها قبلها هو الظهر؛ فيقضي الصلاتين، لأنه قبل ذلك كان ساقطاً عن التكليف ولكن الآن أصبح مكلفاً، فنقول له: اقض الصلاتين اللتين أدركت وقتهما ولو لم تدرك إلا جزءاً يسيراً، لأن وقتهما واحد.

وكذلك في العشائين إذا أفاق هذا المجنون قبل أن يطلع الفجر بدقيقة أو بنصف دقيقة أو بقدر تحريمة ألزمناه أن يقضي صلاة المغرب والعشاء لأنه أدرك آخر وقتهما وهما تجمعان.

المثال الثاني: الحائض، وهذا يقع كثيراً إذا طهرت الحائض قبل أن تغرب الشمس بدقيقة لزمها الظهران، وإذا طهرت قبل أن يطلع الفجر لزمها العشاءان، والعمدة في ذلك أنها صارت من أهل التكليف، وأن الصلاتين وقتهما واحد.

ثم العمدة أيضاً على ورود آثار عن الصحابة، فهو مرويٌ عن عبد الرحمن بن عوف وعن سعد بن أبي وقاص وعن ابن عباس وغيرهم بأسانيد صحيحة رواها ابن أبي شيبة في مصنفه في المجلد الثاني الطبعة القديمة في صفحة (٢٣٥) أو نحوها.

وكثير من النساء جادلن في ذلك، فنقول: العمدة في ذلك كلام هؤلاء الصحابة رضي الله عنهم، وهم لا يقولون إلا عن توقيف.