للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[ضابط نفقة الموسر والمعسر]

ثم يقول: (فيفرض لموسرةٍ مع موسرٍ عند تنازع من أعلى خبز البلد وأدمه -كعادة الموسرين- وما يلبس مثلها، وينام ويجلس عليه) .

يعني: إذا كان موسراً وعنده ثروة، وهي -أيضاً- من الموسرين، وأهلها نشئوا في ثروة، وهي نشأت في ثروة، فنفقتها في هذه الحال من أرفع ما ينفقه أهل اليسار، ومن أفضل الأطعمة سواء الخبز أو الأرز، وكذا أعلى أنواع الأطعمة وأنفسها؛ وذلك لأنها نشأت على ذلك، وهو أيضاً نشأ على ذلك، فيعطيها ما اعتادته، ولا يضره ذلك، ولا يخل باقتصاده، فعادة الموسرين التوسع في النفقة، وإن كان بعضهم يكون توسعه إسرافاً، وفي هذه الأزمنة الموسرون غالباً يكون أكلهم ثلاث أكلات: أكلة في الصباح في أوله، وأكلة بعد الظهر، وأكلة في الليل، هذه عادتهم، وإن كانت عادة المتوسطين أكلتين صباحاً ومساءً، لكن إذا كان أهل اليسار على هذا فإنه كذلك.

ثم الأكلات أيضاً تختلف، فأكلات الموسرين تختلف عن أكلات الفقراء، فأهل اليسار يأكلون أفضل الأطعمة من الأرز ومن أعلى أنواعه، ومن أحسن أنواع اللحوم، وكذلك الأُدم والفواكه والخضار وما أشبه ذلك من الأنواع التي يتفكه بها، هذه عادة الموسرين، فيوفر لزوجته ما كانت اعتادته، حسب نفقة الموسرين.

وكذلك المشروبات، إذا كان هناك مشروبات مباحة فإنه يوفرها، من المياه والعصائر والألبان وما أشبهها.

وكذلك الكسوة: أعلى أنواع الكسوة وأنفسها كعادة الموسرين.

وكذلك فرش الدار التي يجلس عليها، أحسن أنواع الفرش.

وكذلك فراش النوم، أحسن أنواع فرش النوم، وهكذا هذه عادة الموسرات تحت الموسر.

الفقيرة مع الفقير كفايتها من أدنى خبز البلد وأدمه، وما يلبس مثلها وينام ويجلس عليه، وذلك لأنها نشأت في فقر، وهو نشأ في فقر، فلا يكلف أن ينفق عليها مثل نفقة الموسرين، فيشتري من أرخص أنواع الطعام بقدر الكفاية وبقدر القوت، وبقدر سد الجوع، ولا يتوسع في المأكولات الأخرى، فلا يتوسع في الخضار ولا في الفواكه ولا في اللحوم، وإذا كان عادة فقراء أهل بلده أنهم يأكلون من اللحوم فله أن يطعمها كل أسبوع من أرخص أنواع اللحم كلحم إبل أو نحوه، فإذا شق ذلك عليه اقتصر على ما يسد الجوع، ويقتصر على أكلتين غداء وعشاء.

كفايتها من أدنى -يعني: أرخص- خبز البلد وأدمه، وإذا كان الفقراء يأتدمون بالزيت ائتدم به، أو بالخل، أو بالشحم المذاب، أو بالسمن المذاب، أو باللحم ولو لحماً يسيراً رخيصاً، فهو أدم من أرخص الأدم.

واللباس كذلك -أيضاً- يشتري لها من الرخيص، إذا كانت الغنية ثوبها مثلاً يكلف خمسمائة، والفقيرة تجد كسوة بخمسين ريالاً أو أقل أو نحو ذلك، فيعطيها ما يلبس مثلها.

الفرش يشتري فراشاً متواضعاً ولو خلقاً؛ لأنه لا يقدر على رفيع الثمن.

كذلك فراش النوم، ولو مستعملاً.

وهكذا أدوات المنزل من الأدوات المستعملة: كالقدور والصحون والأباريق وما أشبهها، يشتري ولو مستعملاً؛ لأنه لا يقدر على ما هو رفيع.