للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الحالات التي يجوز للمرأة فيها طلب الفسخ]

متى يجوز لها طلب الفسخ؟ في حالات: الحالة الأولى: إذا كان معسراً لا يقدر على نفقة المعسرين، وقد تقدم أن المعسر إنما عليه من أرخص الأطعمة، وتعرفون أن الفقراء يشترون أرخص الخبز؛ لأن قصدهم بذلك سد الجوع، ولا يشترون اللحوم ولا الفواكه وما أشبه ذلك، ولا يشترون الأشربة التي يتفكهون بها، إنما يشترون شيئاً يسدون به جوعهم، فإذا قدر أن هذا الرجل لا يقدر حتى على شراء القوت الضروري الذي هو من يابس الخبز، فهل تصبر على هذا الجوع؟ في هذه الحال أعسر بنفقة المعسرين، فلها أن تطلب الفسخ، فتذهب إلى الحاكم وتقول: لا أصبر عليه، ليس عنده ما يقوتني، أموت جوعاً! ثانياً: كذلك لو كان لا يجد القوت إلا يوماً وراء يوم، في هذه الحال أيضاً لها طلب الفسخ، يشتغل وشغله إنما يحصل به قوت يوم، والثاني لا يحصله، أو يحصل قوت نفس اليوم، ففي هذه الحال إذا أعسر ببعضها فلها طلب الفسخ.

لكن إذا أعسر بشيء في ذمته لها بعد أن سلمت نفسها ففي هذه الحال لا تطلب الفسخ، وذلك إذا قالت: خذني، ولو كان الصداق لم تسلمه لي، فسلمت نفسها وذهبت معه، والصداق دين في ذمته مع أنه دين حال، وبعدما مضى عليها شهر أو سنة طالبته بالصداق، فقالت: أعطني الصداق وإلا ذهبت إلى أهلي، هل لها ذلك؟ ليس لها ذلك؛ لأنها طاوعت بتسليم نفسها، فيبقى صداقها في ذمته إلى أن يجده: {سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا} [الطلاق:٧] .

ثالثاً: إذا غاب، وتعذرت عليها النفقة بالاستدانة ونحوها، كأن غاب غيبة طويلة ولم يرسل لها نفقة، عجز عن إرسال النفقة، ولم تقدر على أن تستدين في ذمته، ولم يكن له أقارب ينفقون عليها، فهل تصبر على الجوع؟ ليس عليها ذلك، ولها أن تطلب الفسخ، وكذلك إذا أعسر بالكسوة، أو غاب وتعذرت الكسوة وقتها، ولم تجد من يكسوها، ولم يكن عندها أهل له ولا أقارب يكسونها.