للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[سجود السهو]

ذكر المؤلف سجود السهو، فمتى يشرع؟ يشرع في ثلاث حالات: إذا زاد في الصلاة أو نقص أو شك، فإنه يسجد للسهو، فمثال الزيادة لو ركع ركوعين كصلاة الكسوف، يعني: ركع ثم رفع وظن أنه ما ركع، ثم ركع، فيسجد السهو، كذلك لو سجد ثلاث سجدات في ركعة واحدة فيعتبر أنه زاد، وكذلك لو صلى خمساً في الظهر أو أربعاً في المغرب أو ثلاثاً في الفجر فيعتبر أنه زاد فيسجد للسهو.

وكذا إذا زاد حركة من جنس حركات الصلاة إذا كانت من الحركات الواجبة، كأن كرر الرفع أو كرر الجلسة بين السجدتين، أما إذا زاد في الركن سهواً فإنه لا يعد زيادة، فلو جلس بين السجدتين، وظن أنه في التشهد، فأتى بالتشهد إلى قبيل آخره، ثم تذكر أنه في الجلسة بين السجدتين، فقال: رب اغفر لي، ثم سجد، فهل يسجد للسهو في هذه الحال؟ الصحيح أنه لا يسجد؛ لأنه ما أتى بشيء زائد، وإنما أتى بالتشهد في غير محله ثم تلافاه، وكذلك لو رفع من الركوع وقرأ الفاتحة وظن أنه في القيام، ثم تذكر وقال: ربنا ولك الحمد فهل يسجد؟ الصحيح أنه لا يسجد؛ لأن هذه زيادة في غير محلها، ثم تلافاها.

والنقص: إذا لم يسجد إلا سجدة في ركعة من الركعات أو لم يرفع بعد الركوع، بأن ركع فلما قال: سبحان ربي العظيم خر ساجداً، وترك ركناً هو الرفع.

وكذلك إذا نقص من الصلوات بأن صلى الظهر ثلاثاً، أو المغرب اثنتين، أو الفجر واحدة، فإنه يسجد.

كذلك إذا شك في ركن، كما إذا شك في الفاتحة ثم قرأها، فيحتمل أنه قرأها مرتين فيسجد، أو شك مثلاً في السجود هل سجد سجدة أو سجدتين، فعدها سجدة ثم أتى بسجدة، أو شك في واجب كأن يشك هل جلس في التشهد الأول أم لا؟ فعليه سجود السهو، أو شك هل قال: سبحان ربي العظيم أم لا؟ فيسجد للسهو.

أما العمد فإنه يبطل الصلاة، فإذا تعمد مثلاً زيادة ركعة أو نقص ركن أو تعمد القيام في حالة قعود أو تعمد قعوداً في حالة قيام، أو تعمد الإتيان بشيء في غير محله، كأن يتعمد أن يقول: رب اغفر لي وهو رافع، أو تعمد قول: سبحان ربي العظيم في السجود أو سبحان ربي الأعلى في الركوع، أو ربنا ولك الحمد بين السجدتين، أو التحيات لله بين السجدتين، فإن العمد يبطل الصلاة، أما إذا حصل السهو بزيادة أو نقص أو شك وجب عليه السجود.

وسجود السهو واجب لكل شيء يبطل عمده الصلاة، ومعلوم أنه إذا ترك التشهد الأول عمداً بطلت الصلاة، وإذا ترك قول سبحان ربي الأعلى موضع السجود عمداً بطلت صلاته، وإذا ترك قول التحيات لله عمداً بطلت صلاته، فإذا تركها سهواً وجب عليه السجود.

أما إذا أتى بقول مشروع في غير محله سهواً فإنها لا تبطل، ولكن عليه سجود السهو، فإذا قرأ وهو جالس أو تشهد وهو قائم، أو قال: رب اغفر لي وهو قائم، أو قال: ربنا ولك الحمد وهو جالس أو قال: سبحان ربي الأعلى وهو راكع، أو سبحان ربي العظيم وهو ساجد، أي أنه أتى بسنة في غير محلها مع أنها مشروعة، فإنه يسن له السجود ولا يجب؛ لأن هذا من جملة أذكار الصلاة، وهي لا تبطل بتعمده.

واستثنوا من ذلك السلام، فإن تعمده يبطل الصلاة، وتركه سهواً يوجب سجود السهو.

يقول: (ومباح) يعني: سجود السهو مباح لترك سنة.

عرفنا أنه واجب وسنة ومباح، فيكون واجباً إذا كان المتروك يبطل الصلاة عمداً، ويكون سنة إذا قال قولاً مشروعاً في غير محله، ولا يبطل عمده الصلاة، ويكون مباحاً إذا كان ترك سنة من السنن سهواً كأن ترك رفع اليدين سهواً، فيباح له أن يسجد، أو ترك قراءة السورة في الظهر بعد الفاتحة واقتصر على الفاتحة، أو ترك وضع اليدين على صدره فيباح له السجود ولا يجب.