للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[من أنواع الخيار]

ذكرنا خيار الغبن، وأنه لزيادة الناجش، وكذلك المسترسل، وكذلك تلقي الركبان، واستثنوا المستعجل، فلا خيار له، فلو أن إنساناً دخل السوق مستعجلاً، ولما دخل السوق اشترى شاة على عجل، وزاد عليه صاحبها، أو اشترى كيساً على عجل، والناس يبيعون الكيس بمائة وهو اشتراه بمائتين أو بمائة وخمسين، فلماذا تستعجل؟ لماذا لا تسأل واحداً واثنين وتسأل الناس؟ هذا رآك مستعجلاً وزاد عليك، فأنت باستعجالك أخطأت، فلا خيار لك.

وذكرنا خيار التدليس، وهو الذي يزيد به الثمن كالتصرية، وهي ألا يحلب الشاة يومين أو ثلاثة، فإذا رآها المشتري ظن أنها ذات لبن كثير فزاد في ثمنها، ثم يتبين له أنها مصراة، وأن هذا اللبن لبن يومين، فيردها وصاعاً من تمر بعد اليوم الثالث.

وخيار الغبن والعيب والتدليس على التراخي، ما لم يوجد دليل الرضا، إلا في التصرية فثلاثة أيام، فإذا وجد التمر مفرقاً، ثم إنه طواه، وقال: هذا لا يصلح، ورده بعد يومين، فيلزم البائع قبوله، فإذا قال: لماذا لم ترده في اليوم الأول؟ فيقول: ما تمكنت، وأشهد أنه فيه عيب.

وكذلك خيار الغبن، إذا اشترى السيارة ثم وجد أنه مغبون بزيادة الناجش أو المسترسل، لما اشتراها ورجع علم أنه غبن نصف الثمن أو ثلث الثمن، أوقفها، وقال: لا حاجة لي فيها.

فإذا لم يردها إلا بعد يومين أو ثلاثة أيام، يلزم البائع قبولها، فالخيار على التراخي لا على الفور.

وذكرنا خيار التدليس، والتدليس: هو إظهار السلعة بمظهر لائق، ففي هذه الحال إذا عرف المشتري أنها مدلسة لا يلزمه أن يردها في الحال، لكن إن وجد دليل الرضا بأن استعملها، كأن لبس الثوب، أو طبخ في القدر -مثلاً-، أو استمر في حلب الشاة أكثر من ثلاثة أيام وهي مصراة -مثلاً-، أو ركب السيارة فاستعملها، أو سكن في الدار مع كونه مغبوناً أو ما أشبه ذلك، فإن هذا دليل على الرضا، فيسقط خياره، أما المصراة فلا يمسكها أكثر من ثلاثة أيام، وإن أمسكها أكثر فهو دليل الرضا.

وذكرنا خيار العيب، وهو ما تنقص به قيمة المبيع؛ كمرض وفقد عضو وزيادته، وكل عيب ينقص الثمن، مثل الخروق في الثوب أو في القدر، والخراب في السيارة، أو التصدع في الحيطان أو في السقف، ونقص أوراق من المصحف أو من الكتاب، وهكذا كل خلل في السلع، فإذا اشترى شاة ووجدها عوراء أو مريضة أو عرجاء فهذا عيب، فله الخيار، فإذا علم بالعيب فله الخيار بين أمرين: إما أن يردها ويأخذ الثمن، وإما أن يطالب بالأرش، وما هو الأرش؟ هو ما بين قيمة الصحة والعيب، فإذا قال: كم يساوي هذا الكتاب وهو سليم؟ يساوي -مثلاً- عشرة، والآن فيه نقص أو فيه بياض كم يساوي؟ يساوي ثمانية، فيرد عليه الخمس، كم تساوي هذه الشاة وهي سليمة؟ تساوي مائة، وكم تساوي وهي عوراء؟ تساوي ثمانين، فيرد عليه الخمس وهكذا، وهذه الزيادة تسمى: الأرش.

وإذا تلف المبيع تعين الأرش، فإذا ذبح الشاة أو ماتت أو احترق الثوب تعين الأرش؛ وذلك لأنه لا يمكن رده.

ولو كانت الشاة فيها عور، ثم عند المشتري أصيبت عينها الثانية فأصبحت عمياء، عيب من عند البائع، وعيب من عند المشتري، ففي هذه الحال يخير بين أخذ أرش وبين رد مع دفع أرش، له الخيار: إما أن يأخذ أرش العين التي كانت عند البائع، وإما أن يرد الشاة ويرد معها أرش العين التي صارت عنده أو أرش الكسر الذي حصل عنده، وإن اختلفا عند من حدث العيب، فقال البائع: هذا انكسر عندك.

وقال المشتري: بل انكسر قبل أن أشتريها.

فإن القول قول المشتري، فيحلف أني اشتريتها وفيها هذا العيب، وهذا إذا لم يكن هناك بينة.