للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[بيع الأصول والثمار]

انتهينا من الصرف، ونبدأ في بيع الأصول والثمار، وهو سهل، وتصوره يكفي لفهمه، ويسمى بيع العقار، والعقار هو الذي لا ينقل، مثل الدار والبستان والأرض، فإذا بعته هذه الدار ماذا يدخل في البيع؟ تدخل الأرض، ويدخل البناء، من الحيطان والسقف -الذي هو ظلها-، وتدخل الأبواب المنصوبة، ويدخل السلم، وعادة أن السلم يكون مسمراً، قد يكون من خشب وقد يكون من حديد، ولكن يسمرونه في الأرض، يحفرون لأصله، ويحفرون لأعلاه في الجدار، ويجعلونه قائماً مقام الدرج، فيكون داخلاً في البيع، أما إذا لم يكن مسمراً بل ينقل من مكان إلى مكان فلا يدخل في البيع، وكذلك الرف المسمر، عادة أنهم يسمرون في الزاوية خشبتين أو ثلاث، ثم يجعلونها مكاناً لرفع بعض الأقمشة أو بعض الأواني، فهذا الرف والأخشاب التي هي مسمرة مربوط عليها في الباب أو في الجدار تدخل في البيع.

وكذا الخابية المدفونة، وهي عبارة عن شبه خزان أو شيء يحفر له في الأرض، ثم يجعل فيه شيء يخزن، يغلق بابه ثم يجعل فيه ماء لحفظه -مثلاً- أو نحو ذلك، قد تكون من طين أو من جلود وتجعل في جوف الأرض وتدفن، والضابط: أن كل شيء مسمر فإنه يدخل في البيع، ولو كان يمكن قلعه كما في هذه الأزمنة، ففي هذه الأزمنة يمكن أن يقلع الباب ويركب، ويمكن أن تقلع زجاج النوافذ وتركب، لكن الأصل أنها مسمرة، فيدخل في البيع الشيء الثابت والشيء المسمر، فمثلاً الأنوار الكهربائية تدخل في البيع؛ وذلك لأنها مسمرة ومثبتة، وكذلك المكيفات المسمرة أيضاً، أما إذا كانت تنقل من مكان إلى مكان فلا تدخل في البيع، ولا يدخل كل شيء يمكن نقله، فمثلاً الفرش والكنب تدخل في البيع؛ لأنه يمكن نقلها، وكذلك الثلاجة والغسالة وأدوات المطبخ والأواني وما أشبهها، هذه لا تدخل.

قالوا: القفل لا يدخل؛ وذلك لأنه يمكن نقله، وكان يستخدم قبل أن توجد المغالق هذه التي تعتبر مسمرة في الباب، وأما قديماً فالقفل يعلق كقفل الحقائب ونحوها، فيقولون: هذا لا يدخل؛ وذلك لأنه يمكن نقله، وأما المفتاح فإنه تابع للقفل، فإن كان القفل ينقل فالمفتاح تابع له، وإن كان القفل لا ينقل مثل هذه المغالق فإنه تابع للدار، ويدخل في البيع.

وكذلك قديماً كانت الأبواب فيها ما يسمى بالمجرى، والمجرى له مفتاح، والصحيح أن المفتاح تابع للمجرى.

وإذا كان هناك بئر وعليها دلو فالدلو ما يدخل؛ وكذلك البكرة، وهي شبيهة بالدراجة، توضع على أعلى البئر، وتسمى عند العامة (المحالة) ، وعند أهل البوادي (الجارَّة) ، وفي اللغة تسمى (البكرة) ، يكون لها أسنان، ويوضع عليها الحبل، وتجر عليها الدلاء، فهذه أيضاً تنقل لأنها معقودة بحبال.

وإذا كان المبيع أرضاً فإنه يدخل في البيع قرار الأرض، وكذلك ما فيها من الغرس إذا كان فيها غرس، والغرس مثل الشجر الذي له ساق كالنخل والتوت والرمان والتين والأترج والتفاح والموز، ويدخل في ذلك أيضاً المباني إذا كان فيها حجرة مبنية مثلاً، أما إذا كان فيها زرع فلا يدخل في البيع إلا إذا اشترطه، وكذلك إذا كان فيها بذر، فهذا البذر للذي بذره وهو البائع، إلا إذا اشترط ذلك المشتري.

ولو كان البذر مدفوناً في الأرض فإنه يعفى عن جهالته، فإذا اشترطه المشتري دخل في البيع، أما إذا كان فيها شيء يجز مراراً مثل البرسيم فأصوله للمشتري، والجزة الظاهرة للبائع.

وكذلك إذا كان يلقط مراراً كالباذنجان والطماطم، فهذه اللقطة الموجودة التي قد نضجت للبائع يأخذها، والباقي للمشتري، فالجزة مثل جزة البرسيم، واللقطة مثل لقطة الطماطم أو لقطة الباذنجان أو الكوسة أو البامية، وغيرها من الأشياء التي تلقط إذا ظهرت، فإذا كانت ظاهرة فهي للبائع، إلا إذا اشترط ذلك المشتري؛ لحديث (المسلمون على شروطهم) فتدخل في البيع.