للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[شروط الحوالة]

للحوالة شروط: الشرط الأول: أن يكون دين المحال عليه مستقراً، أما إذا لم يكن مستقراً فلا تصح الحوالة عليه، مثاله: صداق المرأة قبل الدخول، فهو عرضة للفسخ، ويمكن أن يسقط نصفه بالطلاق أو كله بالفسخ أو بالعيب أو نحو ذلك، فليس لها أن تحيل عليه، فلو جاءها غريم فقالت: أحلتك على زوجي قبل أن يدخل بي فاطلب منه صداقي فالدين هاهنا غير مستقر، وهو الصداق.

مثال ثان: دين الكتابة، فالعبد الذي يشتري نفسه من سيده بثمن مؤجل يثبت هذا الدين في ذمته، ولكنَّه غير مستقر، فلو كان عند سيده دين لك، فجئت تطالبه فقال: أحلتك على دين الكتابة الذي عند عبدي سعيد فلا يصح؛ لأن سعيداً يمكن أن يعجز ويعود قناً، ومثلوا أيضاً بدينك له، فإنه عرضة للفسخ، فلا تصح الحوالة إلا على دين مستقر.

الشرط الثاني: أن يتفق الدينان جنساً ووصفاً ووقتاً وقدراً، فإذا كان أحد الدينين دراهم والآخر دنانير ففي هذه الحال يمكن أن يقال: إنه يصح أن يكون صرفاً.

ولكن أكثرهم يقولون: لا يصح؛ لأن الدينين مختلفان، وكذلك لو كان الدين الذي عليك تمراً وعند زيد لك بر، فلا تحيل بالبر على التمر لعدم اتفاق الدينين.

وكذلك الوقت، مثلاً: دينك الذي في ذمتك قد حل، والدين الذي لك ما حل، فلا تقل: أحلتك بدينك عندي بديني على زيد.

فإن دينك على زيد لن يحل إلا بعد سنة أو نصف سنة، ففي هذه الحال لا تصح الحوالة، فلا بد بأن يكونا حالين.

وكذلك يتفقان وصفاً، فإذا كان أحد الدينين من جنس والآخر من جنس، كأن يكون أحدهما تمر برني، والآخر تمر عجوة لم يتفقا في الوصف، أو الدين الذي في ذمتك ذهب والذي لك فضة، فلا بد أن يتفقا وصفاً.

وكذلك قدراً، فلا تحيله مثلاً بعشرة على خمسة؛ لأنك ما أعطيته حقه، ففي هذا يقول: [تصح بخمسة على خمسة من عشرة] أي: إذا كان في ذمتك له خمسة ودينك عشرة فتقول: أحلتك بخمستك على خمسة من الذي لي وتبقى الخمسة باقية عند الآخر، فيأتي إليه ويقول: أحالني فلان بخمسة عليك وأنت عندك له عشرة فيدفع له خمسة، وكذلك عكسه، فإذا جاءك وقال: عندك لي عشرة فقلت: نعم.

أحلتك بخمسة منها على زيد يجوز ذلك، والخمسة الباقية تبقى في ذمتك.

الشرط الثالث: رضا المحيل، وذلك لأنه هو صاحب الحق، فلا بد أن يرضى، فلا تأت إلى غريمه وتقول: أعطني المال الذي عندك وفاءً عن فلان، فهو يقول: هل أحالك علي؟ فإذا ما أحالك فلا أعطيك؛ لأنه لا يرضى.

الشرط الرابع: رضا المحتال على غير مليء، فلا بد أن يكون المحال عليه مليئاً، فمن أحيل على مليء فليحتل، والمليء: هو القادر على الوفاء.

قالوا: مليء بماله ومليء ببدنه.

فإذا كان ممن لا يمكن أخذ الحق منه كأن يكون رئيساً أو وزيراً، أو أميراً كبيراً لا تمكن شكايته ولا تمكن مخاصمته ولا يمكن لأحد أن يطلب منه ففي هذه الحال لا يقال: إن الحوالة عليه جائزة.