للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[شركة العنان]

سميت شركة العنان لتساويهما من حيث التصرف ومن حيث رأس المال، مثل المتسابقين على فرسين، فعادة المتسابقين على الخيل أن يمسك كل واحد منهما بعنان فرسه، فإذا تساويا تساوت أعنتهما، فسميت شركة العنان لذلك، وهي أن يحضر كل واحد جائز التصرف من ماله نقداً معلوماً يعمل فيه كل واحد منهم على أن له من الربح جزءاً مشاعاً معلوماً، فهذه شركة العنان.

وهي تصح بين اثنين وبين ثلاثة وبين أربعة إلى عشرة إلى مائة أو أكثر أو أقل، وإذا كانوا كلهم يشتغلون في الشركة فيكون الربح بينهم على قدر النسبة التي يعملونها، وإذا كان العامل واحداً أو العامل غيرهما فالربح على ما يشترط، فلو دفع هذا مائة ألف، وهذا خمسين ألفاً، ولكن صاحب الخمسين يعمل في هذه التجارة عشر ساعات، وصاحب المائة يعمل خمس ساعات، واتفقوا على أن الربح بينهما نصفان، مع أن رأس مال أحدهما أكثر؛ جاز ذلك، ويكون الربح بينهما نصفين، وهذه الشركة كما هو مشاهد: شركة في تجارة، فيجمعون رأس المال ثم يشترون السلع الصغيرة أو الكبيرة ثم يبيعون ويربحون، وهذه السلع قد تكون صغيرة مثل الكئوس والخردوات والإبر والسكاكين والملاعق وما أشبهها، أو كبيرة مثل السيارات أو الماكينات أو الثلاجات أو ما أشبه ذلك، يبيعون مثل هذا، ويشتركون في الربح على ما شرطاه، فهذه الشركة صحيحة.

كذلك شركة المزارعة: إذا دفع هذا مائة ألف وهذا مائة، وهذا مائة، وأحيوا أرضاً أو اشتروها واشتروا ماكنات، واشتروا مضخات ورشاشات وحصادات وأدوات، ففي هذه الحال إذا زرعوا فإن الزرع يكون بينهم على قدر ما يشترطونه.

كذلك أيضاً الشركة المعمارية، إذا اشتركوا على أن يشتروا أدوات العمارة، ثم يكون الربح على ما يتفقون عليه.

فالحاصل أن شركة العنان فيما إذا أحضر كل واحد منهم رأس ماله، هذا مائة ألف، وهذا خمسين، وهذا عشرين، واتفقوا على أن يتجروا فيها، هذا يعمل أكثر، وهذا يعمل أقل، فلا بد أن يكون كل واحد منهم جائز التصرف، فهذه شركة صحيحة، ولا يدخل فيها من كان سفيهاً أو مجنوناً أو صغيراً أو محجوراً عليه، ويكون رأس المال من النقود المعلومة، هذا يحضر مثلاً مائة ألف ريال سعودي، وهذا مثله، ويجوز أن تكون نقوداً غير سعودية، هذا يحضر خمسين ألف دولار وهذا عشرين ألف دولار، وما أشبه ذلك، فيعمل به كل منهما على أن يكون الربح بينهما، ولكن لكل واحد منهما جزء مشاع معلوم، فيقول: لي نصف الربح، ولك نصفه، أو لي ثلثه ولك ثلثاه؛ بصفتك أكثر مالاً، أو ما أشبه ذلك، ولا يجوز أن يشترط لأحدهما شيء معين فلا يقول لك في كل شهر مائة؛ لأنهما قد لا يربحان إلا هذه المائة، أو يقول لك ربح هذا الشهر ولي ربح الذي بعده، لا يجوز ذلك.