للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[نقل كلام للفضيل بن عياض عن الكيف في الصفات]

وقال الشيخ الإمام أبو بكر أحمد بن محمد بن هارون الخلال في (كتاب السنة) ، حدثنا أبو بكر الأثرم حدثنا إبراهيم بن الحارث يعني: العبادي حدثنا الليث بن يحيى قال: سمعت إبراهيم بن الأشعث -قال أبو بكر هو صاحب الفضيل - قال: سمعت الفضيل بن عياض يقول: ليس لنا أن نتوهم في الله كيف هو؛ لأن الله تعالى وصف نفسه فأبلغ فقال: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ * لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ} [الإخلاص:١-٤] ، فلا صفة أبلغ مما وصف به نفسه] .

الله تعالى أعلم بنفسه وبغيره، فهو جل وعلا عالم بأوصافه وأسمائه وما يجب له على التمام والكمال، فلا يجوز اجتياز أو تعدي ما أخبر به سبحانه وتعالى عن نفسه إلى غيره.

قال المؤلف رحمه الله: [وكل هذا النزول والضحك وهذه المباهاة وهذا الاطلاع كما يشاء أن ينزل، وكما يشاء أن يباهي، وكما يشاء أن يضحك، وكما يشاء أن يطلع، فليس لنا أن نتوهم كيف وكيف؟ فإذا قال الجهمي: أنا أكفر برب يزول عن مكانه.

فقل: بل أومن برب يفعل ما يشاء] .

يعني: أنه من لوازم النزول عندهم أنه يزول عن مكانه، وهذه لوازم باطلة، والواجب إثبات ما أثبته الله لنفسه دون النظر إلى هذه الإلزامات التي هي خيالات لم يدل عليها الكتاب ولا السنة، والله جل وعلا ليس كمثله شيء، وهو جل وعلا قد تنزه عن النقص، واتصف بالكمال على أتمه وغايته، فلا يلحقه نقص بإثبات شيء مما أثبته لنفسه سبحانه وتعالى أو أثبته له رسوله صلى الله عليه وسلم.

قال المؤلف رحمه الله: [ونقل هذا عن الفضيل جماعة منهم البخاري في (أفعال العباد) ، ونقله شيخ الإسلام بإسناده في كتابه (الفاروق) ] .

هو أبو إسماعيل الهروي.

[فقال: حدثنا يحيى بن عمار حدثنا أبي حدثنا يوسف بن يعقوب حدثنا حرمي بن علي البخاري وهانئ بن النضر عن الفضيل.

وقال عمرو بن عثمان المكي في كتابه الذي سماه (التعرف بأحوال العباد والمتعبدين) ، قال: (باب ما يجيء به الشيطان للتائبين) ، وذكر أنه يوقعهم في القنوط، ثم في الغرور وطول الأمل، ثم في التوحيد، فقال: من أعظم ما يوسوس في التوحيد بالتشكيك أو في صفات الرب بالتمثيل والتشبيه، أو بالجحد لها والتعطيل، فقال بعد ذكر حديث الوسوسة: واعلم -رحمك الله- أن كل ما توهمه قلبك، أو سنح في مجاري فكرك، أو خطر في معارضات قلبك من حسن أو بهاء، أو ضياء أو إشراق أو جمال، أو شبح مائل، أو شخص متمثل فالله تعالى بغير ذلك، بل هو تعالى أعظم وأجل وأكبر، ألا تسمع لقوله: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} [الشورى:١١] ، وقوله: {وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ} [الإخلاص:٤] أي: لا شبيه ولا نظير ولا مساوي ولا مثل، أولم تعلم أنه لما تجلى للجبل تدكدك لعظم هيبته، وشامخ سلطانه؟ فكما لا يتجلى لشيء إلا اندك كذلك لا يتوهمه أحد إلا هلك، فرد بما بين الله في كتابه من نفسه عن نفسه التشبيه والمثل، والنظير والكفؤ، فإن اعتصمت بها وامتنعت منه أتاك من قبل التعطيل لصفات الرب تعالى وتقدس في كتابه وسنة رسوله محمد صلى الله عليه وسلم فقال لك: إذا كان موصوفاً بكذا، أو وصفته أوجب له التشبيه فأكذبه؛ لأنه اللعين إنما يريد أن يستزلك ويغويك، ويدخلك في صفات الملحدين الزائغين الجاحدين لصفة الرب تعالى.

واعلم -رحمك الله تعالى- أن الله تعالى واحد لا كالآحاد، فرد صمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد، -إلى أن قال- خلصت له الأسماء السنية فكانت واقعة في قديم الأزل بصدق الحقائق] .

لا كما يقول المعتزلة: إنها أسماء لا معاني لها.

<<  <  ج: ص:  >  >>