للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[مكفرات الذنوب]

قال: [ثم إذا كان قد صدر عن أحد منهم ذنب فيكون قد تاب منه] .

هذا احتمال، إذا ثبت أن أحدهم صدر عنه ذنب فيحتمل أنه تاب منه،والتوبة تجب ما قبلها، وهذا شروع في بيان أسباب مغفرة الذنوب، وهي ليست خاصة بالصحابة رضي الله عنهم لكنهم أحق الناس بها.

أسباب مغفرة الذنوب متعددة، منها ما أشار إليه في قوله: فيكون قد تاب منه، هذا أول ما يكون: التوبة من الذنب، والتوبة من الذنب تمحوه وتزيل أثره، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (التائب من الذنب كمن لا ذنب له) ، وقال: (التوبة تجب ما قبلها) .

ثم قال: [أو أتى بحسنات تمحوه] .

أيضاً الحسنات مما يكفر به الذنوب كما قال الله جل وعلا: {إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ} [هود:١١٤] ، فالحسنة تذهب السيئة وتزيلها.

قال: [أو غفر له بفضل سابقته] .

بفضل سابقته إلى الطاعة والاستقامة، وهذا دليله واضح، كما في قصة حاطب رضي الله عنه، فإنما يغفر لهم لسابقتهم وفضلهم وجهادهم في أول وقعة في مقابلة الكفار، فبه حازوا هذا الفضل.

قال: [أو بشفاعة محمد صلى الله عليه وسلم] .

وهذا واضح، فشفاعة النبي صلى الله عليه وسلم يحصل بها مغفرة الذنوب، وهم أحق بشفاعته من غيرهم؛ لملازمتهم له، ونصرتهم إياه صلى الله عليه وسلم، ويدل لذلك من الأثر حديث الحوض: (فيذاد عنه أقوام فأقول: أصيحابي أصيحابي، فيقال: إنهم قد بدلوا وغيروا بعدك، فأقول: سحقاً سحقاً) ، فكونه صلى الله عليه وسلم يقول هذا القول يدل على عنايته بأصحابه، وأنه يشفع لهم، لكن هؤلاء لما غيروا وبدلوا تبديلاً لا تنالهم الشفاعة، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (فأقول: سحقاً سحقاً) ، ومن هؤلاء الذين غيروا وبدلوا؟ هم المرتدون الذين كفروا بعد النبي صلى الله عليه وسلم، هذا معنى التغيير والتبديل خلافاً لما تقوله الرافضة من أنهم أبو بكر وعمر وأفاضل الصحابة، سبحان الله العظيم! قال: [أو ابتلي ببلاء في الدنيا كفر به عنه] .

فالبلاء في الدنيا تكفر به الخطايا، وأدلة هذا كثيرة، وهذا في الذنوب المحققة.

المؤلف رحمه الله ذكر هنا من أسباب تكفير الذنوب خمسة أسباب، وقد عدها في غير هذا الموضع عشرة أسباب يحصل بها تكفير الذنوب.

قال: [فإذا كان هذا في الذنوب المحققة] يعني: التي لا مجال لإنكارها، وهي ذنوب ثابتة، فكيف الأمور التي كانوا فيها مجتهدين؟ العفو فيها أقرب، والتجاوز فيها أحرى وأجدر، إن أصابوا فلهم أجران، وإن أخطئوا فلهم أجر واحد، والخطأ مغفور.

ثم قال: [ثم القدر الذي ينكر من فعل بعضهم - من فعل بعض الصحابة - قليل نزر مغمور في جنب فضائل القوم ومحاسنهم] .

قليل: ضد الكثير، والنزر: تأكيد للقلة، فهو قليل لا يكاد يوجد، هذا معنى قوله: قليل نزر، مغمور، أي: أنه لا يوقف عليه إلا بطلب وكد، فإن الذي ثبت من فضائلهم يغمر ما جاء من مساوئ عن بعضهم رضي الله عنهم.

قال: [مغمور في جنب فضائل القوم ومحاسنهم من الإيمان بالله ورسوله والجهاد في سبيله والهجرة -هذا في المهاجرين- والنصرة - هذا في الأنصار - والعلم النافع والعمل الصالح] .

<<  <  ج: ص:  >  >>