للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

منه، ولو وقعت له حادثة [وجب] (١) عليه أن يستفتي الفقهاء، وكذلك المحدث (٢)، والحاصل أن كل أمر إنما يؤخذ عن أهله، فظهر بهذا تصويب ما قاله الإمام إلا أنه بقيت مطالبته بتصحيح النقل من المحدثين (أنهم يأبون (٣) العمل به) وعبارة إلكيا في تعليقه:


(١) من (ج).
(٢) وهكذا كان علماء السلف يعترفون بالتخصصات، ويستفيد بعضهم من بعض. . . . فهذا الإمام الشافعي يخاطب تلميذه الإمام أحمد قائلًا له: "أنتم أعلم بالحديث والرجال مني، فإذا كان الحديث صحيحا فأعلموني، كوفيا كان أو بصريًا أو شاميًا، حتى أذهب إليه إذا كان صحيحًا"، وهكذا كان أحمد بن حنبل يستفيد من الشافعي ويقول: "ما رأيت أحدًا أفقه في كتاب اللَّه من هذا الفتى القرشي -يعني الشافعي".
وروي الصدفي في تاريخ به عن محمد بن وضاح عن يحيى بن يحيى الليثي قال: كنا عند مالك فاستؤذن لعبد اللَّه بن المبارك بالدخول، فأذن له، فرأينا مالكًا تزحزح له في مجلسه ثم أقعده بلصقه، وما رأيت مالكًا تزحزح في مجلس غيره، فكان القاريء يقرأ على مالك، فربما مر بشيء فيسأله مالك: ما مذهبكم في هذا؟ ؟ أو ما عندكم في هذا؟ فرأيت ابن المبارك يجاوبه ثم قام فخرج. . وسئل ابن المبارك بحضور سفيان بن عيينة عن مسألة، فقال: "نهينا أن نتكلم عند أكابرنا".
وهكذا عشرات الصور من عصر سلفنا التي تبرز بوضوح إخلاصهم للَّه، وصفاء قلوبهم، وحبهم لبعضهم، ومنهجهم العلمي الدقيق في الاستفادة من العلماء الآخرين.
آداب الشافعي ومناقبه لابن أبي حاتم (ص ٥٩، ص ٩٤، ص ٩٥)، وسير أعلام النبلاء (٨/ ٣٧١).
(٣) من (د)، وفي بقية النسخ: يأتون.

<<  <  ج: ص:  >  >>