للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَالله أعلم.

وَإِنَّمَا شرعت الصَّلَاة على الْمَيِّت لِأَن اجْتِمَاع أمة من الْمُؤمنِينَ شافعين للْمَيت لَهُ تَأْثِير بليغ فِي نزُول الرَّحْمَة عَلَيْهِ.

وَصفَة الصَّلَاة عَلَيْهِ أَن يَقُول الإِمَام بِحَيْثُ يكون الْمَيِّت بَينه وَبَين الْقبْلَة ويصطف النَّاس خَلفه وَيكبر أَربع تَكْبِيرَات يَدْعُو فِيهَا للْمَيت ثمَّ يسلم، وَهَذَا مَا تقرر فِي زمَان عمر رَضِي الله عَنهُ، وَاتفقَ عَلَيْهِ جَمَاهِير الصَّحَابَة. وَمن بعدهمْ وَإِن كَانَت الْأَحَادِيث متخالفة فِي الْبَاب. وَمن السّنة قِرَاءَة فَاتِحَة الْكتاب لِأَنَّهَا خير الْأَدْعِيَة وأجمعها، علمهَا الله تَعَالَى عباده فِي مُحكم كِتَابه، وَمِمَّا حفظ من دُعَاء النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على الْمَيِّت " اللَّهُمَّ اغْفِر لحينا وميتنا وشاهدنا وغائبنا وصغيرنا وَكَبِيرنَا وَذكرنَا وأنثانا، اللَّهُمَّ من أحييته منا فأحيه على الْإِسْلَام، وَمن توفيته منا فقوفه على الْإِيمَان، اللَّهُمَّ لَا تَحْرِمنَا أجره، وَلَا تفتنا بعده " و" اللَّهُمَّ إِن فلَان ابْن فلَان فِي ذِمَّتك وحبل جوارك فقه من فتْنَة الْقَبْر وَعَذَاب النَّار، وَأَنت أهل الْوَفَاء وَالْحق، اللَّهُمَّ اغْفِر لَهُ وارحمه إِنَّك أَنْت الغفور الرَّحِيم " و" اللَّهُمَّ اغْفِر لَهُ، وارحمه، وعافه، واعف عَنهُ، وَأكْرم نزله، ووسع مدخله، واغسله بِالْمَاءِ والثلج وَالْبرد، ونقه من الْخَطَايَا كَمَا نقيت الثَّوْب الْأَبْيَض من الدنس، وأبدله دَارا خير من دَاره وَأهلا خيرا من أَهله وزوجا خيرا من زوجه، وَأدْخلهُ الْجنَّة، وأعذه من عَذَاب الْقَبْر وَمن عَذَاب النَّار " وَفِي رِوَايَة " وقه فتْنَة الْقَبْر وَعَذَاب النَّار "

قَوْله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " إِن هَذِه الْقُبُور مَمْلُوءَة ظلمَة على أَهلهَا، وَإِن الله ينورها لَهُم بصلاتي " وَقَوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " مَا من مُسلم يَمُوت، فَيقوم على جنَازَته أَرْبَعُونَ رجلا لَا يشركُونَ بِاللَّه شَيْئا إِلَّا شفعهم الله فِيهِ "، وَفِي رِوَايَة " يُصَلِّي عَلَيْهِ أمة من الْمُسلمين يبلغون مائَة " أَقُول: لما كَانَ الْمُؤثر هُوَ الدُّعَاء - مِمَّن لَهُ بَال عِنْد الله ليخرق دعاؤه الْحجب، ويعد لنزوله الرَّحْمَة بِمَنْزِلَة الاسْتِسْقَاء - وَجب أَن يرغب فِي أحد الْأَمريْنِ أَن يكون من نفس عالية تعد أمة من النَّاس، أَو جمَاعَة عَظِيمَة.

قَوْله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " هَذَا أثنيتم عَلَيْهِ خيرا وَجَبت لَهُ الْجنَّة "

الحَدِيث أَقُول: أَنا الله تَعَالَى إِذا أحب عبدا أحبه الْمَلأ الْأَعْلَى، ثمَّ ينزل الْقبُول فِي الْمَلأ السافل، ثمَّ إِلَى الصَّالِحين من النَّاس، وَإِذا أبْغض عبدا نزل البغض كَذَلِك، فَمن شهد لَهُ جمَاعَة من الصَّالِحِي الْمُسلمين بِالْخَيرِ من صميم قُلُوبهم من غير رِيَاء وَلَا مُوَافقَة عَادَة فَإِنَّهُ آيَة كَونه ناجيا، وَإِذا أثنوا عَلَيْهِ شرا فَإِنَّهُ آيَة كَونه هَالكا، وَمعنى قَوْله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أَنْتُم شُهَدَاء الله فِي الأَرْض " إِنَّهُم مورد الإلهام وتراجمة الْغَيْب.

قَوْله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَا تسبوا الْأَمْوَات فَإِنَّهُم قد أفضوا إِلَى مَا قدمُوا "

<<  <  ج: ص:  >  >>