للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الآيات المحكمات والمتشابهات وطريقة الأخذ بها عند أهل الإيمان وعند أولياء الشيطان]

ثم قال رحمه الله: [أما المجمل فهو الأمر العظيم والفائدة الكبيرة لمن عقلها، وذلك قوله تعالى: {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ} [آل عمران:٧] ، وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا رأيتم الذين يتبعون ما تشابه منه فأولئك الذين سمى الله فاحذروهم) ] وهذه تقدمة في الجواب المجمل فإنه قال رحمه الله: (أما المجمل فهو الأمر العظيم والفائدة الكبيرة لمن عقلها) وذكر الآية التي فيها أن آيات الكتاب قسمان: محكمة ومتشابهة، وبين سبيل المؤمنين المتبعين المقتفين لآثار الرسل، وسبيل الزائغين المشبهين، أما سبيل المؤمنين فهو الإيمان بما جاء في الكتاب وحمل المتشابه على المحكم، وأما الزائغون فهم الذين يتبعون ما تشابه منه.

وآيات الله سبحانه وتعالى قسمان: القسم الأول: محكمة.

الثاني: متشابهة، فالمحكمة هي: التي تكون ظاهرة المعنى، ولا تحتمل إلا معنى واحداً، وأما المتشابهة فهي: الآيات التي تحتمل أكثر من معنى بدون مرجح لأحدها.

ومثال المحكم والمتشابه قول الله سبحانه وتعالى: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [الحجر:٩] فهذه الآية فيها الخطاب بالجمع، قال الله سبحانه وتعالى: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ} [الحجر:٩] فأتى بضمير الجمع في الخطاب فهذه أخذ منها بعض المشككين من النصارى أن الآلهة ثلاثة وإلا لما كان يسوغ أن يقول: نحن وهو واحد سبحانه وتعالى، ولا يسوغ أن يقول: إنّا وهو واحد سبحانه وتعالى، فالجواب على هذا أن نقول: (إنا) و (نحن) المراد بها هنا التعظيم، فإن قالوا: هذا محتمِل فنقول: الله سبحانه وتعالى قد بين لنا في كتابه أنه واحد فقال: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص:١] فتكون هذه الآية من سورة الإخلاص محكمة، وهذه الآية من سورة الحجر متشابهة؛ لأنها تحتمل أكثر من معنى بزعمهم، وعلى هذا نقول: نحمل المتشابه على المحكم.

فهذا مثال للمحكم والمتشابه، وطريقة حمل المتشابه على المحكم، وبيّن الله سبحانه وتعالى أن الذين في قلوبهم زيغ يتبعون ما تشابه منه، ولذلك تمسك النصارى بهذه الآيات التي فيها تعبير الله سبحانه وتعالى عن نفسه بصيغة الجمع على أنه سبحانه وتعالى أكثر من واحد، ويزعمون أنه ثلاثة، والمحكم الذي في كتاب الله سبحانه وتعالى أنه واحد كما قال سبحانه وتعالى: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص:١] وكما دلت عليه الآيات والأحاديث الكثيرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>