للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[ماهية الميزان]

مسألة: الميزان هل هو حسي أم معنوي؟ الصحيح أن الميزان حسي وليس ميزاناً معنوياً، وقد وردت أحاديث تبين أن هذا الميزان له لسان وكفتان، فتوضع الحسنات في كفة والسيئات في كفة، ثم يوزن الإنسان أو عمله أو الصحف التي وردت، فأصبح هذا الميزان حسياً وليس معنوياً، وبعض الذين لا يقبلون هذه النصوص ولا يؤمنون بها كما سيأتي أن المعتزلة أنكرت قضية الوزن أصلاً، وقالوا: الله عالم بهذا الأمر فلا يحتاج إلى قضية الميزان، ولكن هذا الكلام باطل؛ نظراً لمخالفته لما دلت عليه النصوص، والله سبحانه وتعالى يقول: {وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً} [الأنبياء:٤٧] {فَأَمَّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ * فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ} [القارعة:٦-٧] ويأتي في المقابل: {وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ * فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ} [القارعة:٨-٩] دل على أن الوزن للحسنات وللسيئات.

الميزان للإنس والجن سواء، وليس خاصاً بالإنس وحدهم، والسبب في ذلك إذا ذكرنا الحكمة من الوزن يتبين أن من الحكمة إظهار عدل الله تعالى، وأنه لا يظلم عنده أحد أبداً، والله قد قال: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ} [الزلزلة:٧] مثاقيل الذر تعملها تجدها أمام عينيك، وعلى العكس أن مثاقيل الذر من الشر ستجدها أمام عينيك لن تظلم إطلاقاً، مما يدل على أن هذا الخطاب للإنس وللجن سواء، والله سبحانه وتعالى هو العدل الحكم سبحانه، وإن لم يحدث لكن بإقامة الحجة على الناس.

<<  <  ج: ص:  >  >>