للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[صورة شائعة من صور الكذب]

لا تكذب يا أخي المسلم! بل كن صادقاً في كل شيء، بعض الناس يكذب خوفاً وحياءً من الناس، يأتيك شخص يطرق عليك الباب وأنت في البيت، ولا تريد أن تخرج، فتقول للمرأة أو للولد: قولوا له: ليس موجوداً.

والولد والمرأة تجاه هذه التعليمات يشعرون بمعارضة، كيف نقول: غير موجود، وهو يكلمنا؟ حتى أن بعض الأبناء الأبرياء يأتي عند الباب فيقول: قال أبي: إنه غير موجود، فيكشفه ابنه أولاً.

ثانياً: هذا الرجل يعرف أنك دخلت، وأتاك في تلك اللحظة ورصدك وأنت تدخل البيت، وسيارتك أكبر شاهد على أنك في الداخل، وقد تأتي لحظة من اللحظات فيحدث لك طارئ من الطوارئ اقتضى منك أن تخرج، مرضت زوجتك، أو احترق ولدك، أو سقط شيء في البيت، وإذا بك تخرج فتجد الرجل عند الباب ينتظرك، ماذا ستقول له عندها؟ تقول: آسف والله لم يدرِ الولد بي! اطلب من الولد أن يقول: أبي موجود ولكنه يعتذر؛ لأنه غير مستعد لاستقبالك، لماذا؟ لأنك لا يمكن أن تفتح لكل من دق بابك إلا بموعد، أما الذي وعدته فإنك تفتح له غصباً عنك وإلا صرت منافقاً، أما أن يأتيك شخص بعد العشاء ويدق عليك الباب، فإن كنت مستأنساً به فحياه الله، وإن كنت غير مستأنس به فقل: أعتذر والله يا أخي، أنا نائم.

لأن الله عز وجل قد قال في القرآن: {مِنْ قَبْلِ صَلاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُمْ مِنَ الظَّهِيرَةِ وَمِنْ بَعْدِ صَلاةِ الْعِشَاءِ ثَلاثُ عَوْرَاتٍ لَكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلا عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآياتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} [النور:٥٨] فهذه الثلاث الأوقات لا يستطيع أحد أن يدق عليك بابك فيها، ولا تفتح له إلا بإذنك وأنت مرتاح.

نفرض أن شخصاً يريد أن يتكلم معك، فجاءك قبل الساعة الرابعة والنصف، أي: قبل الفجر، ودق الباب، ماذا بك؟ قال: والله أريد أن أتكلم معك، ستقول: (الله أكبر عليك!) ما أتيت إلا في هذا الوقت، أو أتاك بعد الظهر بعدما دخلت وتغديت ووضعت ثيابك وأردت القيلولة، وإذا به يدق الباب، ماذا بك؟ قال: والله أريد أن أسألك سؤالاً، حسناً ما جئت إلا في هذا الوقت لماذا لا تأتي بعد العصر، أو تنتظرني في المسجد؟ لماذا تختار هذا الوقت غير المناسب وتأتي فيه، ولا يجوز لك أن تؤذي المسلمين؟! فأنت بدلاً من أن تكذب على هذا الرجل فتسخط الله أولاً، وتعلِّم ولدك الكذب ثانياً، وتسقط من عين الرجل ثالثاً؛ لأنه علم أنك موجود، فيأخذ عنك فكرة سيئة، وصورة هزيلة أنك رجل دجال، ارتكب واحدة فقط، ما هي؟ أنك إذا استحيت من الرجل تأمر أولادك أن يقولوا له: إنه موجود لكنه يعتذر عن مقابلتك، أو دخل في غرفة نومه ولم يعد يستطيع أن يقابل أحداً، ولا تقل: نائماً، بعضهم يقول: إنه نائم، رقد الساعة السابعة والنصف أو الثامنة.

لا.

هذا ليس معقولاً، ولكن ائتِ بعذر صحيح فإن قبله فالحمد لله، وإن لم يقبله فليضرب برأسه في الحائط، لا توجد سوى هذه.

أما أن تكذب على الله من أجل أن ترضيه، تسخط الله من أجل أن ترضيه، لا.

فأنت بين خيارين: إما أن ترضيه أو ترضي الله عز وجل، لا والله أرضي ربي، لأن الحياة والرزق والموت والإعطاء والنفع بيد الله تبارك وتعالى.

<<  <  ج: ص:  >  >>