للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[أهمية الصدق في الوعد]

النبي صلى الله عليه وسلم اشترى قبل البعثة شيئاً من رجل اسمه أبو الخنساء، فقال له: اجلس هنا حتى آتيك بالثمن، أي: أعطاه بعض الثمن وقال له: اجلس حتى آتيك بالباقي، فذهب الرجل ونسي الموعد، ولم يتذكر إلا بعد ثلاثة أيام فجاء، وإذا بالرسول صلى الله عليه وسلم جالس مكانه، فقال له: (لقد شققت عليَّ والله إني أنتظرك منذ ثلاث ليالٍ) .

لا إله إلا الله! لأنه وعده، قال: اجلس حتى آتيك فما أحب النبي صلى الله عليه وسلم أن يترك المكان.

هذا الخلق نتعلمه من ديننا ومن أخلاقيات إسلامنا، ولكن يؤسفنا جداً ويحز في نفوسنا ويقطع أكبادنا، أن المسلمين اليوم الذين يقولون ويزعمون أنهم من أتباع محمد بن عبد الله أنهم يكذبون، بينما الكفار يصدقون.

ولهذا إذا وعد الإنسان منهم بوعد وأراد أن يلزمه قال: تأتيني الساعة السادسة، قال: السادسة، قال: نعم.

موعد (إنجليزي) فيقول ذاك: (إنجليزي!) حسناً، موعد (إنجليزي) ستة يعني ستة، بينما كان المفروض أن يقول: وعد مسلم كما كان يقول الأولون.

كان الأولون يقولون: وعد مسلم؟ قال: وعد مسلم، يعني: لا يكذب إن شاء الله فيه، لكن اليوم وعد المسلم كذب، تقول: تأتيني؟ قال: إن شاء الله آتيك، وإن شاء الله هذه هي (المعلقة) لا.

بل قل: آتيك إن شاء الله تحقيقاً لا تعليقا، لا تعلق عليها الكذب، إنما حققها بأنك تفي، ولكن اعتبر نفسك في مشيئة الله لأنك قد تموت، أو قد تمرض أو قد يمنعك عن الوفاء بالوعد شيء خارج عن إرادتك، أما أن تعلق الكذب بالمشيئة فلا.

حتى إن أحد الكفار كلما أراد أن يقول شيئاً قال: إن شاء الله، تقول: تغديت قال: إن شاء الله، إن شاء الله، يعني: كذب كذب، كلها كذب، لا يجوز، في الغرب الآن لا يكذبون أبداً، أخلاقيات لكن لا تنفعهم يوم القيامة، لأنهم كذبوا أعظم الكذبات على أنفسهم حينما جعلوا لله شريكاً، وكذبوا أعظم الكذبات على دينهم حينما عطلوه وبدَّلوه، لكن في المعاملات التي بينهم صدقوا، يصدقون لا يكذبون، ونحن لا نأخذ القدوة منهم، ولكن نأخذها من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن دين الإسلام، ويؤلمنا ويحز في نفوسنا أن يتخلقوا بأخلاقنا ونحن نتخلق بأخلاقهم، فالكذب بضاعتهم ويجب أن ترد عليهم، والصدق بضاعتنا ويجب أن ننتزعها منهم ونتمسك بها، فنصدق ونطيع الله، وأيضاً نصدق ونحيا حياة كريمة في الدنيا والآخرة.

أسأل الله الذي لا إله إلا هو أن يجعلني وإياكم من الصادقين في الدنيا والآخرة، كما قال عز وجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ} [التوبة:١١٩] .

<<  <  ج: ص:  >  >>