للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[إحاطة السماء بالأرض لا تستلزم أن يكون الله في كل جهة]

وهنا أحب أيضاً أن أشير إلى مسألتين: الأولى منهما: قد يقول قائل: أنا حينما أتجه جهة الأمام فأنا أتجه إلى جهة السماء، ولو اتجهت إلى الأرض مخترقاً الأرض فأنا أيضاً أتجه إلى جهة السماء.

فنقول له: أنت حينما تطلب أمراً تأتيه من أقرب الطرق إليه، فالإنسان مفطور على ذلك، فهذا الذي يتجه إلى هذه الجهة يطلب ربه سبحانه وتعالى في السماء مثل ذلك الذي أراد أن يحج من الرياض -مثلاً- فقال: أذهب إلى دمشق ثم أذهب إلى مكة! فنقول له: حينما تذهب إلى دمشق ثم تتجه إلى مكة ستصل إلى مكة، لكن ستوصف بالجنون أو ضعف العقل؛ لأن الذاهب إلى مكة يجب أن يذهب إليها من أقرب الطرق إليها، ولما كان الله سبحانه وتعالى العليم الخبير، وهو سبحانه معبودنا وإلهنا نحبه ونتوجه إليه، فإننا نبحث عن أقرب الطرق إليه، وبحثنا عن أقرب الطرق إليه سبحانه وتعالى إنما يكون بأن نتجه إلى السماء في جهة العلو، فمن طلبه متفلسفاً بطرق معينة فهو شبيه بمن يريد أن يذهب من الرياض إلى مكة عن طريق المغرب أو عن طريق أفغانستان أو غير ذلك.

إذاً: ونحن على الأرض نطلب ربنا في السماء، ولا يأتي إنسان ويطلب ربه في جهة أخرى زاعماً أنه يمكن أن يصل إلى هذا الأمر بطريقة معينة، وإنما يطلبه من أقرب الطرق إليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>