للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[نزول عيسى عليه السلام في آخر الزمان لا ينافي كون النبي صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين]

السؤال

كيف نجمع بين أن النبي صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين، ولن يأتي بعده نبي، وبين نزول عيسى عليه الصلاة والسلام في آخر الزمان، فيقتل الدجال، ويقتل الخنزير، ويكسر الصليب، فهذا مشكل علي أرجو أن توضحوه؟

الجواب

نحن أشرنا إلى هذا، وقلنا إن أدلة القرآن والأحاديث المتواترة دلت على أن عيسى عليه الصلاة والسلام سينزل في آخر الزمان، وأن هذا لا يتعارض مع قوله تبارك وتعالى: {وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ} [الأحزاب:٤٠] ، أي: لا يتعارض مع ختم الرسالة، وذلك لعدة أمور: أولها: أن عيسى إذا نزل في آخر الزمان إنما ينزل ويحكم بالقرآن وبشريعة محمد صلى الله عليه وسلم، فهو إذاً تابع للرسول عليه الصلاة والسلام، كما ثبت في الحديث لما رأى الرسول مع عمر رضي الله عنه قطعة من التوراة قال له: (والله! لو كان موسى حياً ما وسعه إلا أن يتبعني) ، فعيسى يكون تابعاً.

ومن أدلة أنه تابع لمحمد صلى الله عليه وسلم: أنه إذا نزل وقد تهيأ المسلمون لصلاة العصر يقولون لعيسى: صل بنا، فيقول: لا، فيصلي بهم واحد من أمة محمد صلى الله عليه وسلم، فهذا دليل على أنه تابع.

الأمر الثاني: أنه لا يأخذ بما يوافق آراء أهل الكتاب، فالنصارى اليوم يأكلون الخنازير، ويشربون الخمور، واليهود منهم يتبعون الدجال، وكذلك أيضاً يعتقدون أن عيسى مصلوب، وهذه الأمور كلها يبطلها عيسى عليه الصلاة والسلام موافقة لما سبق أن بينه رسول الله صلى الله عليه وسلم، أن عيسى يوضح الحقيقة الناصعة إذا نزل، ومن ذلك ما في القرآن العظيم والسنة من أن عيسى عبد الله ورسوله، وأنه ليس إلهاً، وأنه لم يقتل ولم يصلب، وإنما رفعه الله، كل هذه الحقائق تظهر.

الأمر الثالث: أن عيسى عليه الصلاة والسلام إذا نزل يقتل الدجال، ويكسر الصليب، ويضع الجزية، بمعنى: أنه لا يقبل ممن يتسمون بأهل الكتاب الجزية كما كان سابقاً، وإنما يؤمرون بأحد أمرين: إما باتباع دين الإسلام الذي جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم وشريعة القرآن، أو السيف، ولا يقبل منهم أمراً ثالثاً، وهو أن يبقوا على دينهم، ويُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ.

الأمر الرابع: أن نزول عيسى عليه الصلاة والسلام وتفاصيل نزوله جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم، فهو الذي أخبرنا، وهو الذي بلغنا أنه خاتم النبيين، وأنه لا نبي بعده.

إذاً: يتبين من خلال هذه الأوجه كلها أن نزول عيسى عليه الصلاة والسلام في آخر الزمان حق، وأنه لا يتعارض مع كون نبينا محمد صلى الله عليه وسلم هو خاتم النبيين.

<<  <  ج: ص:  >  >>