للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[ذم دعوى تحديث الدين واتباع الكافرين]

بل لقد تعدى الأمر إلى أبعد من ذلك حتى إلى العلماء الذين هم ورثة الأنبياء، وأهل العلم والذكر، الذين أمروا باستكمال مادة الاجتهاد الموصلة إلى تقرير المسائل تقريراً شرعياً يوافق الكتاب والسنة؛ مع الحذر الواعي من أن يكونوا ممن افتتن بالحضارات العالمية، وراجت عندهم شبهة تحديث الإسلام ومسايرة الركب التي بها يكون العالِم غير مأمون العواقب فيتحول من حيث يدري أو لا يدري إلى تسويغ ما لا يُستساغ شرعاً مما هو معجب به أو معجب به غيره، فيُفتي حين يُستَفتى وعينه على مَن يُفتيهم يريد أن يرضيهم وأن يظفر بتقدير وتقريظ من الإفرنج وأذنابهم، فيجور على الحق إرضاءً للخلق، ويَظْهَر عمَّا عند الله تعجلاً لِمَا عند الناس، ويغيب عن وعيه حديث جابر رضي الله تعالى عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: {مَن أفتي بغير علم كان إثمه على من أفتاه} رواه أبو داود.

ولقد صدق الله: {فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَ مَا سَمِعَهُ فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} [البقرة:١٨١] .

ولا غرو -عباد الله- فالعالِم إنما هو موقِّع عن الله حكمه ولأجل ذا سمى ابن القيم رحمه الله أحد كتبه: أعلام الموقعين عن رب العالمين.