للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[صيام الست من شوال والأيام البيض]

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

أما بعد:

فاتقوا الله -أيها المسلمون- واعلموا أن الشارع الحكيم قد سن لكم صيام الست من شوال، وجعل ذلك من متابعة الإحسان بالإحسان، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: {من صام رمضان وأتبعه بست من شوال كان كصيام الدهر كله} رواه مسلم.

ووجه كون صيام الست بعد رمضان كصيام الدهر؛ هو أن الله -جلَّ وعلا- جعل الحسنة بعشر أمثالها، كما في قوله: {مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا} [الأنعام:١٦٠] فصيام رمضان يُعدُّ مضاعفاً بعشرة شهور، وصيام الست بستين يوماً، فيتحصل من ذلكم أجر صيام سنة كاملة.

والأفضل في صيام هذه الست أن تكون على الفور بعد يوم العيد، وأن تكون متتالية، ومن فرَّق بينها فلا بأس، ومن أخرها إلى وسط الشهر أو آخره فلا بأس، وهي ليست واجبة ولا صحة لما يظنه بعض العوام منْ أنَّ مَنْ صامها سَنَة وجبت عليه في السني الأخرى، بل هي سُنَّة مَن فعلها أثيب عليها، ومَن تركها فلا شيء عليه، ومن كان مواظباً عليها في كل عام ثم مرض أو سافر في عام آخر، فإنها تُكتب له وإن لم يصمها؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: {إذا مرض الإنسان أو سافر كتِِب له ما كان يعمل صحيحاً مقيماً} .

كما أنه لا يجوز تقديم صيام الست على أيام القضاء من رمضان؛ لأن من شروط حصول أجر الست من شوال أن يكون المرء قد صام رمضان بأكمله، ولذلك يكون المرء كأنما صام عاماً بأكمله.

ثم إن من أراد الزيادة ومضاعفة الأجر، فليحافظ على صيام أيام البيض من كل شهر، وهي: يوم الثالث عشر، والرابع عشر، والخامس عشر من كل شهر، فلقد صح في السنن: {أن النبي صلى الله عليه وسلم جعل صيامها كصيام الدهر} أي: كسنة كاملة، والسنة فيها اثنان وأربعون يوماً من الأيام البيض فقط، ويُضاف إليها ستة وثلاثون يوماً لرمضان وست من شوال، فيكون صيام ثمانية وسبعين يوماً في السنة يعدل صيام سنتين كاملتين، أي: أكثر من سبعمائة يوم، {ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ} [الجمعة:٤] .

اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد.

اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمر أعداءك أعداء الدين، واجعل هذا البلد آمناً مطمئناً وسائر بلاد المسلمين.

اللهم انصر من نصر دينك وكتابك وسنة نبيك، واخذل من خذل عبادك المؤمنين.

اللهم فرِّج هم المهمومين من المسلمين، ونفس كرب المكروبين، واقض الدين عن المدينين، واشف مرضانا ومرضى المسلمين، برحمتك يا أرحم الراحمين.

اللهم انصر المجاهدين الذين يجاهدون في سبيلك في كل مكان، اللهم انصرهم على عدوك وعدوهم، اللهم انصر إخواننا المستضعفين في سبيلك في كل مكان يا ذا الجلال والإكرام.

اللهم آمِنا في أوطاننا، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، واجعل ولايتنا فيمن خافك واتقاك واتبع رضاك يا رب العالمين.

اللهم وفق ولي أمرنا لما تحبه وترضاه من الأقوال والأعمال يا حي يا قيوم، اللهم أصلح له بطانته يا ذا الجلال والإكرام.

اللهم أنت الله لا إله إلا أنت، أنت الغني ونحن الفقراء، أنزل علينا الغيث ولا تجعلنا من القانطين، اللهم أنزل علينا الغيث ولا تجعلنا من القانطين.

اللهم لا تمنع عنا خير ما عندك بشر ما عندنا.

اللهم إنا خلق من خلقك فلا تمنعنا بذنوبنا فضلك يا ذا الجلال والإكرام.

ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.

سبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين.