للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[صور من تواضع رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحابته]

ويالله العجب! كيف لا ينظر أمثال هؤلاء إلى سير الأسلاف من قبلهم، وعلى رأسهم إمامنا وقدوتنا سيد ولد آدم، ذو النسب الرفيع، والجاه الوسيع، فهاهو قد نام على الحصير وابتسم في وجه من أوجعه، ووقف إلى جانب امرأة في الطريق تشكو إليه، وشرب مع أصحابه في إناء احد، وكان آخرهم شرباً، كما أكل مع أهل الصفة، ثم دخل مكة في الفتح متواضعاً، ومشى في الأسواق والناس من حوله يأكل مما يأكلون منه ويشرب مما يشربون، بأبي هو وأمي صلوات الله وسلامه عليه.

وهذا خليفته الصديق رضي الله عنه كان يحلب لأهل الحي أغنامهم، فلما بويع بالخلافة قالت جارية منهم: الآن لا يحلب لنا منائح دارنا، فسمعها فقال: [[بلى لأحلبنها لكم وإني لأرجو ألا يغيرني ما دخلت فيه]] .

ثم سل الفاروق وما أدراك ما الفاروق! خطب بعد خلافته فقال: [[اعلموا أن تلك الشدة قد أضعفت، ولكنها إنما تكون على أهل الظلم والتعدي على المسلمين، فأما أهل السلامة والدين والقصد فأنا ألين لهم من بعضهم البعض، وإنني بعد شدتي تلك أضع خدي على الأرض لأهل العفاف وأهل الكفاف]] .

فلا إله إلا الله! أحقيقة ما نسمع أم هو نسجٌ من الخيال!؟ أهو فتون يتردد أم هي حقيقة اكتنفتها قلوب من يعرفون ما الدنيا وما الله؟!

عند الترمذي والحاكم أن جبير بن مطعم قال: [[تكونون في التيه وقد ركبت الحمار، ولبست الشملة، وقد حلبت الشاة، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {من فعل هذا فليس فيه من الكبر شيء} ]] .

ألا فليتنبه لذلك المغرورون المعجبون بأنفسهم وجاههم في حين إنهم بادو الكبرياء، كالحو الوجوه، ومن هذه حاله فلا يغتر بكونه يملك ألفاً فإن عليه من الحقوق والتبعات ما قد يزيد على الألفين.