للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[قل هو من عند أنفسكم]

أيها المسلمون! إن الله سبحانه يبتلي عباده عند الأعمال السيئة بنقص الثمرات وحبس البركات؛ ليتوب تائب، ويقلع مقلع، ويتذكر متذكر، ويزدجر مزدجر، وقد جعل الله سبحانه الاستغفار سبباً لدرور الرزق ورحمة الخلق، فقال سبحانه: {اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَاراً * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَاراً} [نوح:١٠-١٢] .

قرأها الفاروق رضي الله عنه من على المنبر وهو يستسقي ثم قال: [[لقد طلبت الغيث بمجاديح السماء التي يستنزل بها المطر]] فما لبعض الناس لا يرجون لله وقاراً، وقد خلقهم أطواراً.

فرحم الله امرأً استقبل توبته، واستقال خطيئته، وبادر منيته روى البيهقي وابن ماجة من حديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهما قال: {كنت عاشر عشرة رهط من المهاجرين عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأقبل علينا بوجهه، وقال: يا معشر المهاجرين! خمس خصال أعوذ بالله أن تُدركوهن، ما ظهرت الفاحشة في قوم حتى أعلنوا بها إلا ابتلوا بالطواعين والأوجاع التي لم تكن في أسلافهم الذين مضوا، ولا نقص قوم المكيال إلا ابتلوا بالسنين وشدة المؤنة وجور السلطان، وما منع قوم زكاة أموالهم إلا منعوا القطر من السماء، ولولا البهائم لم يمطروا، ولا خفر قوم العهد إلا سلط الله عليهم عدواً من غيرهم فأخذوا بعض ما بأيدهم، وما لم يعمل أئمتهم بما أنزل الله في كتابه إلا جعل الله بأسهم بينهم} .

يقول أبو هريرة رضي الله عنه: [[إن الحبارى لتموت في وكرها من ظلم الظالم]] ، وقال مجاهد رحمه الله: [[إن البهائم تلعن عصاة بني آدم إذا اشتدت السنة، وأمسك المطر، تقول: هذا لشؤم معصية ابن آدم]] .

ألا فاتقوا الله -عباد الله- واعلموا أن الأرض التي تحملكم، والسماء التي تُظلكم مطيعة لربكم فلا تمسكان بخلاً عليكم، ولا رجاء ما عندكم، ولا تجودان توجعاً لكم، ولا زلفى لديكم، ولكن أمرتا بمنافعكم فأطاعتا، وأقيمتا على حدود الله مصالحكم فقامتا: {ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ} [فصلت:١١] .

يقول عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه: [[إنه ليس من عبدٍ إلا له مصلى في الأرض، ومصعد عمله من السماء، وإن آل فرعون لم يكن لهم عمل صالح في الأرض، ولا عمل يصعد في السماء، ثم قرأ: {فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ وَمَا كَانُوا مُنْظَرِينَ} [الدخان:٢]] ] .

نستغفر الله، نستغفر الله، نستغفر الله اللهم إنا نستغفرك إنك كنت غفاراً، فأرسل السماء علينا مدراراً، وأمددنا بأموال وبنين، واجعل لنا جنات واجعل لنا أنهاراً.