للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[مكملات الوحدة وحقيقتها]

عباد الله: إن من مكملات الوحدة وتداعياتها نصرة الأخ المسلم وخوض ميدان دعمه حال اشتباكه مع قوى الباطل في معركة موصولة الكر والفر، ولا يحصل مثل ذلك إلا بترويض النفس على شيء من المجاهدة والمثابرة، وحمل هم الإسلام لنضمن شيئاً من الكفاية ونتقي الفضول، ولنكون أعون شيءٍ على رفع مستوى الثغور والجبهات لأمة الإسلام، وتوفير العزة إرضاءً لله سبحانه، فإنه ولا شك لا يتفق طمعٌ في الدنيا وانتصار للمثل العليا، كما أنهما لا ينسجمان ألبتة: حرص على إعلاء كلمة الله، وحرص على تكثير المغانم والعب منها، مع استرضاء الخلائق واستفزازهم بالخور والجبن.

وهنا التفاتة سريعة إلى دنيا الناس في مجملها تجاه النصرة والخذلان والرفعة والدون، فإنها يمكن أن تصور لنا الناس كحال رجلين اثنين، إما رجلٌ له مالٌ وبنون طال أجله وأدبر شبابه، وكان واجباً عليه أن يتهيأ للآخرة بزادٍ حسن، ومثله لو قتل في سبيل الله، فإنه لم يترك وراءه شيءٌ يخاف عليه الضيعة لا الزوجة العجوز ولا الأولاد الكبار، ومع هذا فهو أشبه ما يكون بشيطانٍ أخرس أو ناطقٍ يفرق من كلمة حق، ويوجل من موقف شرف، ويتشبث بأذيال الحياة طلباً للمزيد بنهمٍ وسعار.

وفي المقابل: مثل شباب لهم آمال وتعتريهم صبواتٌ أيما صبوات، ولهم أحمال وعليهم أعباء، ومثلهم لو توثقت علائقهم بالدنيا أو قهرتهم الصبوة بكلكلها لما كان في سيرتهم كبير عجبٍ، ومع هذا كله يذهلون عن الدنيا المقبلة، ويتركون ذرية ضعافاً خافوا عليهم، ويقبلون على نصرة دين الله بنبلٍ وجلال، هذان مثلان مضروبان يمكن تنزيلهما في واقع الناس على كافة المحاور شعوباً وحكوماتٍ وأفراداً كلاً بحسبه.