للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الشلل الأخلاقي]

إنه مما لا شك فيه أن النفوس المسلمة قد تكون معترفة بقابليتها لألاعيب الشيطان ومكره؛ لكونها غير معصومة؛ إلا أن بعض هذه النفوس قد اعتقد أهلها أنهم محميون ضد آثاره وإفساده، بعد أن كوَّنوا حولهم هالة زائفة من الاطمئنان لأحوالهم وأوضاعهم الرتيبة، مع الاكتفاء بظواهر طفيفة من الإسلام، حتى أمسوا وكأن ما يحملونه هو الإسلام فحسب، مما يحرمهم ولا شك من إصلاح أخطائهم من جهة، ومن الاستفادة من الصواب الذي يأتي به الخير من جهة أخرى.

ألا إن هذا هو الشلل الأخلاقي بقضه وقضيضه، وهو الارتضاع من ثدي الهوى بعد الفطام، مع أن الرضاع إنما هو للطفل الذين لم يظهروا على عورات النساء، والذين يتضورون على مرارة الفطام.

فلا جرم عباد الله! إذ الهوى مكايد، وكم من صنديد في غبار الحق اغتيل! كيف لا ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: {إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم} ؟! رواه البخاري ومسلم.

إن الشعور الدائم بالتقصير هو الشعور الإيجابي المثمر الذي يدفع للعمل الآني واليومي، كما أن الشعور بالكمال العقيم شعور عاطفي، لن ينفي عن كل مسلم مسئوليته أمام الله عن أي سوء في حاله أو سلوكه أو حياته، دينياً كان أو دنيوياً: {لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِه} [النساء:١٢٣] .