للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[تحذير المسلمين من تمني الفجور والتنكر للدين]

الحمد لله حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

أما بعد:

فاتقوا الله -معاشر المسلمين- واعلموا أن من محاسن الدين الإسلامي أنه لم يَدَع لنا شيئاً إلا وبيَّن لنا فيه بياناً، حتى الخلاء وما يتعلق به؛ ولذا فإنَّ التمني من جملة ذلك، فقد يكون في الخير لعموم المسلمين كما جاء عن ابن عباس رضي الله عنهما في الخصال الثلاث، وكمدح النبي صلى الله عليه وسلم لمتمني الخير، وربما جعل أجره في بعض الأشياء كأجر فاعله، كالقائل: لو أن لي مالاً لعملتُ بعمل فلان الذي يتقي ربه في ماله، ويصل فيه رحمه، ويخرج منه حقه، فقال صلى الله عليه وسلم: {هم في الأجر سواء} وأمثال هؤلاء أصحابُ قلوبٍ طاهرة برَّة، وأنفسٍ زكية حرَّة، تحب للناس ما تحب لأنفسها، وثَمَّ أنفسٌ أخرى على النقيض من ذلك! لا تتمنى الخير لأحد؛ كأنْ ليس في الدنيا إلا هي فحسب، للحسد في قلوبها جمرة تتقي كالأبتون، تود وتتمنى زوال نعمة الأخ المسلم وأن تراه محروماً مفلساً، وتقع فيما حذَّر منه النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: {إياكم والحسد! فإن الحسد يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب} رواه أبو داود.

ومثل هذا -عباد الله- من التمني المحرم الذي يأثم به صاحبه ويوقعه في المهالك، وهو الذي عناه الإمام الشافعي رحمه الله بقوله: "لولا أنَّا نأثم بالتمني لتمنينا أن يكون كذا وكذا".

ولأجل ذا -عباد الله- فقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم من الوقوع في ذلك أشد الحذر، وجعل ما يتمناه القلب بقلبه من الإثم من جنس زنا القلب وفحشه، فقد جاء في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: {إن الله كتب على ابن آدم حظه من الزنا أدرك ذلك لا محالة، فزِنا العين النظر، وزنا اللسان النطق، والنفس تتمنى وتشتهي، والفرج يصدق ذلك أو يكذبه} -وعند أحمد في مسنده - {وزنا القلب التمني} .

ألا وإنَّ مما يحرم تمنيه والتطلع إليه ما يقع من بعض ضعاف النفوس من ذوي العقول المريضة، والأفكار الدخيلة، والذين يُريدون أن يؤلبوا الأمة على التنكر لأحكام الشريعة، والخروج عن إطارها، والقدح في عدالتها، وذلك من خلال إبداء التمنيات رجالاً ونساءً عن قضايا المرأة، والزج بها خارج سياج الشرع، ومحبة شيوع تحللها، وعَدِّ المرأة مهضومة الحق، مسروقة الكمال، فلهؤلاء يقول الباري جل شأنه: {وَلا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ} [النساء:٣٢] ، قالت أم سلمة: {يا رسول الله! تغدو الرجال ولا تغدو النساء، ولنا نصف الميراث؟} فأنزل الله هذه الآية.

رواه الترمذي وأحمد.

اللهم صلّ على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميدٌ مجيد، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم في العالمين إنك حميدٌ مجيد.

اللهم أعز الإسلام والمسلمين، اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمِّر أعداءك أعداء الدين، واجعل هذا البلد آمناً مُطمئناً وسائر بلاد المسلمين.

اللهم انصر من نصر الدين، واخذل من خذل عبادك المؤمنين، اللهم فرِّج هم المهمومين من المسلمين، ونفس كرب المكروبين، واقض الدين عن المدينين، واشف مرضانا ومرضى المسلمين، برحمتك يا أرحم الراحمين.

اللهم آمنا في أوطاننا، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، واجعل ولايتنا فيمن خافك واتقاك، واتبع رضاك يا رب العالمين.

اللهم وفق ولي أمرنا لما تحبه وترضاه من الأقوال والأعمال يا حي يا قيوم، اللهم أصلح له بطانته يا ذا الجلال والإكرام.

اللهم أنت الله لا إله إلا أنت، اللهم أنت الله لا إله إلا أنت، اللهم أنت الله لا إله إلا أنت، أنت الغني ونحن الفقراء، أنزل علينا الغيث ولا تجعلنا من القانطين، اللهم أنزل علينا الغيث ولا تجعلنا من القانطين، اللهم سقيا رحمة لا سقيا هدمٍ ولا بلاءٍ ولا غرق، اللهم لتُسقي به العباد، وتُحيي به البلاد، ولتجعله بلاغاً للحاضر والباد.

سبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.