للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الشاب الذي ينشأ في طاعة الله]

أيها الناس! إن الشاب المسلم الذي يستحق أن يكون واحداً من هؤلاء السبعة هو ذاك الفتى اليافع الذي تعلق قلبه بربه، ولما يشب تتجاذبه مزالق الرغبات النفسية ومتطلبات الجسد، ترق عنده الحياة فتسحره بالنظرات المغرية، وتجمع له لذائذ الدنيا في لحظة مسفرة أو شبهة عارضة.

الشباب الذي يعيش للهوى وأحلام اليقظة {وَلا تَمُدَّنَ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجاً مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى} [طه:١٣١] .

الشاب شأنه شأن غيره من الشباب الذين تعتريهم في هذا السن أنواع من التصرفات غير المتزنة، والذين هم أحرى في أن يقعوا فريسة لمثل هذه الدركات اللامسئولة.

إن للشباب مرحلة هي من أخطر مراحل الحياة؛ لأنها مرحلة قوة بين ضعفين: ضعف الطفولة، وضعف الشيخوخة.

ولما كان الشباب من العمر، وسيسأل الإنسان عن عمره؛ فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم خص الشباب في قوله: {لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع: وذكر منها وعن شبابه فيم أبلاه} رواه الترمذي.

إن من أكرم الناس نفساً، وأنداهم كفاً، وأطيبهم قلباً، وأصدقهم عزماً: الشاب المسلم النقي التقي، الذي يجل الكبير ويرحم الصغير، لا تسمعه إلا مهنئاً أو معزياً، أو مشجعاً أو مسلياً، ولا تراه إلا هاشاً باشاً، طلق الوجه مبتسماً، يبعده إيمانه بربه عن طيش الصغر وإصرار الكبر، فهو الجندي في الميدان، والتاجر في السوق، والعضو الفعال في الجمعيات والمنتديات الخيرة {نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُمْ بِالْحَقِّ إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدىً} [الكهف:١٣] {قَالُوا مَنْ فَعَلَ هَذَا بِآلِهَتِنَا إِنَّهُ لَمِنَ الظَّالِمِينَ * قَالُوا سَمِعْنَا فَتىً يَذْكُرُهُمْ يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ} [الأنبياء:٥٩-٦٠] {وَقَالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ امْرَأَتُ الْعَزِيزِ تُرَاوِدُ فَتَاهَا عَنْ نَفْسِهِ} [يوسف:٣٠] .

إن مما يساعد الشاب على عبادة ربه صفاء المحضن ممثلاً بالبيت والمدرسة والمجتمع، وكذا قيام المحضن بواجبه من توجيه وإرشاد حتى يشب الشباب عن الطوق ألا {كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته} ولن يستغني شاب عبد ربه عن مطالعات حديثة في سير أسلافه إبان شبابهم؛ كـ ابن الزبير وابن عباس وأبي هريرة وابن عمر وأسامة وأنس والحسن بن علي والحسين بن علي رضي الله عنهم أجمعين، وجدير بشاب هذا شأنه أن يظله الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله.