للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[علامات العجلة في علاقة المرء بخالقه ومولاه]

العجلة -عباد الله- قد تكون في أداء الواجب دون إحكام وإتقان، حتى لقد بدت بعض الأعمال المؤداة وكأنها في صورة آلية، لا يتلبث أهلها ليجيدوا ولا يتأنون ليتقنوا، وكأنهم بداخل أغلال أو أطواق، يحاولون في سرعة بالغة وعجلة مقيتة أن ينطلقوا منها، بل تعدى الأمر إلى أبعد من ذلك؛ حتى علاقة المرء بخالقه ومولاه، في جوانب العبادة والمسألة، فترى المرء يعجل في وضوئه فلا يسبغه، ولربما بدا من عقبه أو نحوه ما لم يصل إليه الماء؛ فيقع في وعيد النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: {ويل للأعقاب من النار} متفق على صحته.

كما أنكم -عباد الله- قد ترون المرء يعجل في صلاته فلا يطمئن في ركوعه ولا سجوده، يسرع في الحركات ولا يتلبث وكأنه أفلت في أرض هش، ويغيب عن وعيه قول أبي هريرة رضي الله عنه: {نهاني رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ثلاث وذكر منها: عن نقرة كنقرة الديك} أي: في صلاته رواه أحمد.

ولربما طغت العجلة على المرء حتى في اللحظات الحرجة والتي ينادي فيها ربه ويدعوه متضرعاً إليه، فيفقد بسبب ذلك الاستجابة التي دعا الله من أجلها، جراء ما استعجل غير آبه بقول النبي صلى الله عليه وسلم: {يستجاب لأحدكم ما لم يعجل، يقول: دعوت فلم يستجب لي} رواه البخاري ومسلم، فليتنبه لهذا الأمر أهل الضوائق والبلاء، أو الحوائج والأمراض الذين يتعجلون الله في أدعيتهم أو رقاهم أو نحوها.

فإن الاستجابة موكلة بالأناة والصبر، التي ينسلخ المرء بها من الضجر والتبرم، ويقف في أرض الله أواباً، يرجو رحمته ويخاف عذابه، فلا يضيره ما فقد ولا يحزنه ما قدم.