للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[سبب الحديث عن المرأة]

قد يتساءل البعض: لماذا الحديث عن المرأة؟

أيوجد ثَمَّ مشكلة تستدعي الحديث عن مخلوق ليس جديداً على البشر؟!

أم أن الحديث عنها يُحدث نوع تسلية وإماتة للوقت بالتفكه بذاتها؟!

أم أن الأمر ليس هذا ولا ذاك؟!

ف

الجواب

هو أن الأمر ليس هذا ولا ذاك، بل إن الأمر أبعدُ من هذا وأجل، إننا حينما نتحدث عن المرأة فإننا نتحدث عنها على أنها شقيقة الرجل ولها شأن في المجتمع، حيث إنها نصف البشرية، ثم هي تلج النصف الآخر، فكأنها بذلك كالأمة الكاملة.

يضاف إلى ذلك أننا في المجتمع الحديث نجد أن الحديث عن المرأة صحافةً وإعلاماً، بل وعلى مستوى المنتديات والجمعيات الظاهر منها والباطن، نجد أن الحديث عنها يحتمل حيزاًَ كبيراً من تفكير الباحثين، فكان لزاماً على كل داعية أو موجه أو عالم قبل ذلك أن يكون مشغولاً بمثل هذه القضية الكبرى، يفرح لاستقامتها، ويأسى لعوجها وعدم استقرارها، ويتفرس أيضاً -وهذا أمر واجب- في الأطروحات المتعلقة بها؛ ليميز بذلك الخبيث من الطيب.

فلا هو يسمع للمتشائمين، ولا يشافع المتهورين، بل يكون وقافاً عند تعاليم الدين الحنيف، كما يُعرف من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، لا كما يصوره أطروحات النساء الحمقاوات، أو أهواء الرجال المسعورين.

كما أن من الأسباب في هذا الطرح، بل إنه السبب الأهم: ألا وهو ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في الصحيحين وغيرهما أنه قال: {ما تركتُ بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء} ، وفي رواية عند مسلم: {فاتقوا الدنيا، واتقوا النساء، فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء} .

إضافة إلى ما أكده النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع قبل وفاته بثلاثة أشهر -فيما رواه البيهقي وغيره- من الوصية بالنساء خيراً وأنهن عَوان عند الرجال، أي: أسيرات.

أضيفوا إلى ذلك -أيها الإخوة والأخوات- أن الحديث عن المرأة هو محاولة لإيقاظ ذوي الغَرَر، من أجل أن ينتبهوا للمؤامرة ضد المرأة، وأنها في الحقيقة جُزء من مشروع استعماري خطير كبير شامل، وما هذا المشروع إلا ليغير وجه الحياة، ويقتلع المجتمع الإسلامي من جذوره، ناهيكم عن غفلة المرأة المسلمة، ووَسْنَتِها الملغومة، والتي غيَّبَتْها عن أن تعي واقعها المرير، والذي يصوره أحد الكتاب فيقول:

يُحكى أن رجلاً وقف على طرف غصن من شجرة، يقطعه من ناحية الجذع، دون أن يتنبه إلى حتمية السقوط الذي سيصير إليه إذا انقطع الجذع، فإذا مر من ينبهه إلى هذا المصير الذي انتهى إليه فيما بعد، نهض يعدو خلفه ليقول له: لقد عرفت أمر سقوطي قبل حصوله، فلن أدعك حتى تنبئني بنهايتي متى تحين.

أيها الإخوة: إن هذه الصورة الغريبة من هذا الرجل الساذج وهو يقف على غصن الشجرة، لَيُمَثِّل في الحقيقة واقع المرأة المسلمة اليوم في اندفاعها المحموم وراء المجهول، وهذا المجهول لم تجرب يوماً ما أن تسأل نفسها عن غايته ومحتواه، وهذا المجهول هو الذي أضاع شخصيتها وصرفها عن حقيقته، وجعلها كالكرة تتخبطها مضارب اللاعبين، فتتهادى في كل اتجاه ومكان، وهذا المجهول لا يُتاح التخلص من ضغطه وقهره إلا للمرأة التي تستطيع أن تعزل نفسها ضمن حصانة من الشرع الحكيم.