للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[عدم الركون إلى الخدم في تربية الأطفال]

ثانياً: تكمن أهميته في عدم الركون إلى الخدم في تربية الأطفال، وكثرة محاكاتهم، ويزداد الأمر تأكيداً إن كانوا غير مسلمين؛ لأن من الأمور المسَّلمة أن كثرة المحاكاة تحدث مشاكلة في الطباع، ومن هنا يقع التأثر والتأثير في بني آدم؛ بل إن الآدمي إذا عاشر نوع من الحيوان اكتسب بعض أخلاقه؛ فنجد الجمَّالين والبغَّالين فيهم أخلاق مذمومة من أخلاق الجمال والبغال، ونجد الحيوان الإنسي فيه بعض أخلاق الناس بسبب المآلفة وقلة النفرة، وقديماً قيل: " الطيور على أشكالها تقع ".

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: " وقد رأينا اليهود والنصارى الذين عاشروا المسلمين هم أقل كفراً من غيرهم، كما رأينا المسلمين الذين أكثروا من معاشرة اليهود والنصارى هم أقل إيماناً من غيرهم ممن جرد الإسلام ".

كل ذلك -أيها المسلمون- سببٌ في التأثير على الطفل؛ فضلاً عن كون صحة الطفل الدينية والنفسية والدينية ناتجة عن تفرغ الأم لطفلها وعدم إسلامه للأجنبي عنها.

ألا وإن تركها الساعات الطوال مع الخدم؛ لا يضمن تمتعه بالرعاية الدافئة التي يحتاجها كل حين، وثّمَّ دراسات نفسية كثيرة نشرت برامجها عبر جهات أكاديمية وأخرى تطبيقية كما يقال كلها تتفق على أن جُلَّ الأطفال والصغار من ذوي المشاكل النفسية هم الذين عانوا حرماناً عاطفياً كبيراً في طفولتهم المبكرة؛ بسبب غياب أمهاتهم عنهم وتسليمهم إلى الخدم.

ألا ترون -يا رعاكم الله- كيف يكون حال الطفل إذا غابت عنه أمه؟ ماذا يحدث عندما يشاهدها بعد فترة غيابها؟

إنه يشد إليها بقوة، وحين تدفع إليه لترضعه يلتقمها بلهفة ويحاول أخذ حاجته بلهفة، ولربما خانته حاسة البلع فشرغ وغص مع ما يصاحب ذلك من نظرات ازراء إلى أمه تدل على الشره واللوم دون استطاعته عن تعبير ذلك باللسان، فماذا عسى الخادمة أن تفعل؟

إن قلبها ليس كقلب الأم، وحنانها ليس كحنان الأم، ولا غرو -عباد الله- إذ ليس النائحة المستأجرة كالمرأة الثكلى.