للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[فرح الله سبحانه وتعالى]

قال ابن القيم رحمه الله: كما ورد الرضا والفرح والسرور من ربي تبارك وتعالى.

الفرح -أيها المسلمون- صفة الكمال في البشر، وهو قبل ذلك صفة لله جل وعلا تليق بجلاله سبحانه، وهي في منتهى الكمال {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ} [الشورى:١١] وفي الصحيحين من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {لَلَّهُ أشد فرحاً بتوبة عبده من أحدكم كان على راحلة في أرض فلاة، فانفلتت منه وعليها طعامه وشرابه، فيئس منها فأتى شجرة فاضطجع في ظلها، فبينما هو كذلك إذا هو بها قائمة عنده فأخذ بخطامها ثم قال: اللهم أنت عبدي وأنا ربك، أخطأ من شدة الفرح} .

إن لفرح الله سبحانه بتوبة عبده شأناً لا ينبغي لأحد أن يغفله، أو يعرض عنه، بل إن من عرف ذلك فهو الموفق الذي لا يغضب، إذ لا يتنبه لمثل هذا، إلا من له معرفة بالله وبأسمائه وبصفاته، وما يليق بالباري جل ذكره، ومثل هذا الحديث قد تقصر عنه أصحاب بعض بني هذا الزمان؛ لضعف عقولهم وعلومهم عن احتماله، إبان نقص في العلم وجنوح غير يسير عن تربية المرء على التعلق بالله سبحانه، غير أننا نقول كما قال ابن القيم رحمه الله: إن الله عز وجل سيتم هذه البضاعة إلى تجارها ومن هو عارف بقدرها، وإن وقعت في الطريق بيد من ليس عارفاً بها فرب حامل فقه ليس بفقيه، ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه.