للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[أثر الزواج في الحياة ومكانة الأبناء في النفس]

الحمد لله حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه كما يحب ربنا ويرضاه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

أما بعد:

فيا أيها الناس! بالنكاح يلتئم الشعث، وتسكن النفس، ويطمئن القلب، ويستريح الضمير من تعب التفكير، ويحصل الولد، ويعمر البيت، وتتم به نعمة الله على الزوجين، ولن تكمل الرجولة حتى يتزوج الشاب، أما الذي لا زوجة له ولا ولد، فرحمته بالناس مفقودة، وشفقته عليهم غير موجودة، لا يهمه إلا بطنه وظهره، ولا يجمع من المال إلا ما يكفيه لحياته، هو عالةٌ على أهله في صغره غير مأمولٍ في كبره، إذا طال عمره؛ فغير ملتفت إليه، وإذا مات؛ فغير مبكي عليه، ومن رغب عن النكاح فقد ترهب، وعنده يقف بعض نسل ابن آدم، من جهته تنقطع الأبوة والبنوة، فلا يذكر إلا بعلم علمه، أو مال ترك منه صدقة جارية.

[[دخل الأحنف بن قيس رحمه الله تعالى على معاوية رضي الله عنه وأرضاه، ويزيد بين يديه، وهو ينظر إليه معجباً به، فقال: يا أبا بحر ما تقول في الولد؟ فعلم ما أراد، فقال: يا أمير المؤمنين هم عماد ظهورنا، وثمر قلوبنا، وقرة أعيننا، بهم نصول على أعدائنا، وهم الخلف لمن بعدنا، فكن لهم أرضاً ذليلةً، وسماءً ظليلةً، إن سألوك فأعطهم، وإن استعتبوك فأعتبهم، لا تمنعهم رفدك، فيملوا قربك، ويكرهوا حياتك، ويستبطئوا وفاتك، فقال: لله درك يا أبا بحر هم كما وصفت والله]] .

هذا وصلوا رحمكم الله على خير البرية، وأزكى البشرية جمعاء محمد بن عبد الله بن عبد المطلب سيد المرسلين، وإمام الغر المحجلين، اللهم صلِّ وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد صاحب الوجه الأنور، والجبين الأزهر، وارض اللهم عن الخلفاء الأربعة أبي بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، وعن الصحابة والتابعين، ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، وعنا معهم بعفوك وجودك وكرمك يا أرحم الراحمين.

اللهم أعز الإسلام والمسلمين، ودمر أعداءك أعداء الدين، واجعل هذا البلد آمناً مطمئناً وسائر بلاد المسلمين.

اللهم انصر من نصر الدين، واخذل من خذل عبادك المؤمنين، اللهم آمنا في أوطاننا، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، واجعل ولايتنا فيمن خافك واتقاك واتبع رضاك يا رب العالمين، اللهم وفق إمامنا لما تحب وترضى، وخذ بناصيته إلى البر والتقوى، اللهم أصلح له بطانته يا ذا الجلال والإكرام.

رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ.

اللهم أنت الله لا إله إلا أنت، أنت الغني ونحن الفقراء أنزل علينا الغيث ولا تجعلنا من القانطين، اللهم أغثنا، اللهم لا تدع لنا في مقامنا هذا ذنباً إلا غفرته، ولا هماً إلا فرجته، ولا ديناً إلا قضيته، ولا مريضاً إلا شفيته، ولا حاجةً من حوائج الدنيا والآخرة هي لك رضا، ولنا فيها صلاح إلا أعنتنا على قضائها ويسرتها برحمتك يا أرحم الراحمين!

عباد الله: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْأِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ، وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلاً إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ.