للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[عاقبة محاسبة النفس]

عباد الله: لقد قال الله جلَّ وعلا: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} [الحشر:١٨] إن العبد المسلم لن يبلغ درجة التقوى؛ حتى يحاسب نفسه على ما قدمت يداه، وعلى ما يعقد عليه العزم من شئونه في جميع الأمور، فينيب إلى الله مما اجترح من السيئات؛ ملتمساً عفو الله ورضاه، طامعاً في واسع رحمته وعظيم فضله.

ومحاسبة النفس المؤمنة سمة للمؤمن الصالح {الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت، والعاجز من أتبع نفسه هواها وتمنى على الله الأماني} والذنوب واردة على كل مسلم ولكن لا بد لها من توبة، ولا توبة دون محاسبة، يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: {كل ابن آدم خطَّاء، وخير الخطائين التوابون} رواه الترمذي.

يتوب العبد بعد أن يحاسب نفسه، ويحاسب نفسه لينجو من حساب الآخرة؛ فإن الشهود كثير، ولا يملك العبد في الاحتيال من فتيل ولا نقير ولا قطمير {وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنْطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ} [فصلت:٢١] {يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا} [الزلزلة:٤] يقول الصحابة رضي الله عنهم: {يا رسول الله! وما أخبارها؟ قال: أن تشهد على كل عبد أو أمة بما عمل على ظهرها، تقول: عملت كذا وكذا في يوم كذا وكذا} رواه أحمد وغيره.