للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

فجعل الإمام مالك معرفة النساء حدا يرجع إليه، ونحن النساء نعرف ذلك، ولا عبرة بالمعتلة بمرض كالتي ترى الصفرة والخضرة سائر شهرها، ولا المصابة بوسوسة، فإنها تقلق إذا دخل وقت الصلاة وهي جافة خشية أن يكون عليها صلاة، فتبادر بالغسل والصلاة ثم يعاودها الكدرة والصفرة فتحتار، والسبب أنها استعجلت وتطهرت قبل أن تطهر طهرا صحيحا بينا، والذي يمكن أن يزيل القلق سؤال المرأة نفسها: هل استيقنت من الطهر؟ فإن كان الجواب: نعم، اغتسلت، وإن كان الجواب: لا. لم يكن لها أن تصلي إذا رأت الكدرة؛ لأنها حينئذ انتقلت من حكم الحيض المستيقن إلى حكم الطهر بغير يقين، فلابد أن تكون مستيقنة من الطهر حتى تنتقل إلى حاله ولوازمه. والله أعلم.

[حكم الرطوبة في غير أيام الحيض]

الرطوبة: هي إفراز طبيعي عديم اللون عادة ولزج بدرجة خفيفة، ويشبه بياض البيض غير المطبوخ عندما يزداد نشاط غدد الرحم. (١)

والكلام على الرطوبة ينقسم إلى قسمين: من حيث الطهارة، ومن حيث نقض الوضوء. ولأهمية هاتين المسألتين للنساء خاصة؛ فإني أفصل في كل منهما.

[١ـ طهارة الرطوبة]

اختلف العلماء في الرطوبة في غير أيام الحيض، فذهب المالكية وأبو إسحاق بن شاقلا وابن رزين من الحنابلة إلى نجاسة الرطوبة مطلقا، قالوا لأنها رطوبة متولدة من الباطن. وذهب محمد بن الحسن وأبو يوسف من الأحناف، والشافعية إلى نجاسة الرطوبة الباطنة واتفقوا على طهارة الرطوبة الظاهرة. والمشهور من مذهب الإمام أحمد طهارتها دون تفصيل. وزاد الشافعية قسما ثالثا وهو الرطوبة المتولدة في الداخل وليست من الرحم، وهي المتكونة في قناة المهبل، وهي عندهم طاهرة على الصحيح، وهذا القسم هو الذي تسأل عنه النساء وهو ما نبحثه هنا إذ الرطوبة الباطنة التي تخرج مع الولد ليست متكررة ولا تعاني منها النساء.

ولما كانت هذه المسألة مهمة جدا لنا أردت أن أذكر أقوال الفقهاء بالتفصيل وبالله التوفيق


(١) دليل المرأة إلى الصحة ص ٢٤٥

<<  <   >  >>