للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يُعَذِّبْكُمْ﴾: فتموتوا على الشركِ كما أنتم (١).

وقولُه: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ وَكِيلًا﴾، يقولُ لنبيِّه محمدٍ ﷺ: وما أرسلناكَ يا محمدُ على من أرسلناكَ إليه لتدعُوَه إلى طاعتِنا، ربًّا ولا رقيبًا، إنَّما أرسلناكَ إليهم لتُبلِغَهم رسالاتِنا، وبأيدينا صَرْفُهم وتدبيرُهم، فإن شئنا رحِمناهم، وإن شِئنا عذَّبْناهم.

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِمَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلَى بَعْضٍ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا (٥٥)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه لنبيِّه محمدٍ ﷺ: وربُّك يا محمدُ أعلمُ بمن في السماواتِ والأرضِ وما يُصلِحُهم، فإنَّه هو خالقُهم ورازقُهم ومدبِّرُهم، وهو أعلمُ بمن هو أهلٌ للتوبةِ والرحمةِ، ومن هو أهلٌ للعذابِ، أهدِى للحقِّ مَن سبَق له منِّي الرحمةُ والسعادةُ، وأُضَلُّ مَن سبَق له منِّى الشقاءُ والخِذْلانُ. يقولُ: فلا يَكْبُرنَّ ذلك عليك؛ فإنَّ ذلك من فعلى بهم كتفضيلى (٢) بعضَ النبيين على بعضٍ؛ بإرسالِ بعضِهم إلى بعضِ الخلقِ، وبعضِهم إلى الجميعِ، ورفعِى بعضَهم على بعضٍ درجاتٍ.

كما حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ قولَه: ﴿وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِمَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلَى بَعْضٍ﴾: اتَّخَذَ اللهُ إبراهيمَ خليلًا، وكلَّم موسى تكليمًا، وجَعَل اللهُ عيسى كَمَثَلِ آدم خلَقه من ترابٍ، ثم قال له: كُنْ فكانَ (٣)، وهو عبدُ اللهِ ورسولُه، من كلمةِ اللهِ ورُوحِه، وآتى سليمانَ مُلكًا


(١) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٤/ ١٨٨ إلى المصنف وابن المنذر.
(٢) في م، ص، ت ٢، ف: "لتفضيلي".
(٣) في النسخ: "فيكون". والمثبت من مصدر التخريج.