للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأظهر لهم أمره، وأخبرهم خبر أصحابه، فبعثوا إلى اللوح في الخزانة فأتوا به، فوافق ما وصف من أمرهم، فقال المشركون: نحن أحقُّ بهم، هؤلاء أبناء آبائنا (١). وقال المسلمون: نحن أحقُّ بهم، هم مسلمون منا. فانطلقوا معه إلى الكهف، فلما أتوا باب الكهف قال: دعُونى حتى أدْخُلَ على أصحابى فأبُشِّرَهم (٢)، فإنَّهم إن رَأوْكم معى أرْعَبْتُموهم. فدخل فبشرهم، وقبض الله أرواحهم. قال: وعمَّى اللَّهُ عليهم مكانَهم فلم يهتدوا، فقال المشركون: نَبنى عليهم بُنْيانًا، فإِنَّهم أبناءُ آبائنا، ونعبُدُ الله فيه (٣). وقال المسلمون: بل نحن أحقُّ بهم، هم منا، نَبنى عليهم مسجدًا تُصلِّى فيه، ونعبد الله فيه.

وأولَى الأقوال في ذلك بالصواب عندى قولُ من قال: إِنَّ الله تعالى بعثهم من رَقْدتهم ليتساءَلُوا بينَهم، كما بيَّنَّا قبلُ؛ لأنَّ اللَّهَ عزَّ ذكره كذلك أخبر عباده في كتابه، وإنَّ الله أعثَر عليهم القومَ الذين أعثَرهم عليهم؛ ليتحقَّقَ عندهم ببعث الله هؤلاء الفتية من رقدتهم بعدَ طُولِ مُدَّتِها [بهيئتهم يومَ رقدوا، ولم يَشِيبُوا على مرِّ الأيام والليالى عليهم، ولم يَهْرَموا على كرِّ الدُّهور] (٤) والأزمانِ فيهم - قدرتُه على بَعْثِ مَن أماته في الدنيا مِن قبره إلى موقف القيامة يوم القيامةِ؛ لأنَّ اللَّهَ عَزَّ ذكره بذلك أخبرنا، فقال: ﴿وَكَذَلِكَ أَعْثَرْنَا عَلَيْهِمْ لِيَعْلَمُوا أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَأَنَّ السَّاعَةَ لَا رَيْبَ فِيهَا﴾ [الكهف:٢١].

واختلفت القرأةُ في قراءة قوله: ﴿فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هَذِهِ﴾؛


(١) في ت ٢: "أبناؤنا".
(٢) في م، ت ١، ت ٢، ف: "حتى أبشرهم".
(٣) في ص، م: "فيها".
(٤) سقط من: ت ١، ت ٢، ف.