للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومعنى الكلامِ: فقُلْنا: اضْرِبوه ببعضِها لِيَحْيا. فضرَبوه فحَيى -كما قال جل ثناؤه: ﴿أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ﴾ [الشعراء: ٦٣]. والمعنى: فضُرب فانفَلَق- يدُلُّ على ذلك قولُه: ﴿كَذَلِكَ يُحْيِ اللهُ الْمَوْتَى وَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ﴾.

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿كَذَلِكَ يُحْيِ اللهُ الْمَوْتَى﴾.

وقولُه: ﴿كَذَلِكَ يُحْيِ اللهُ الْمَوْتَى﴾. مُخاطبةٌ مِن اللهِ عبادَه المؤمنين، واحتجاجٌ منه على المشركين المكذِّبين بالبعثِ، [وأمرُهم بالاعتبارِ] (١) بما كان منه جل ثناؤه مِن إحياءِ قتيلِ بني إسرائيلَ بعد مَماتِه في الدنيا، فقال لهم تعالى ذكرُه: أيُّها المكذِّبون بالبعثِ بعد المماتِ، اعتَبِروا بإحيائى هذا القتيلَ بعد مَماتِه، فإنى كما أحييتُه في الدنيا فكذلك أُحْيِى الموتى بعد مماتِهم، فأبعثُهم يومَ البعثِ.

فإنما احتجَّ جل ذكرُه بذلك على مُشْرِكى العربِ وهم قومٌ أُمِّيُّون لا كتابَ لهم؛ لأن الذين كانوا يعلَمون علْمَ ذلك مِن بني إسرائيلَ كانوا بين أظهُرِهم وفيهم نزلتْ هذه الآياتُ، فأخبَرهم جل ذكرُه بذلك ليتعرَّفوا عِلْمَ مَن قِبَلَهم.

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿وَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (٧٣)﴾.

يعنى جلَّ ذِكْرُه: ويُرِيكم اللهُ أيُّها الكافرون المُكذِّبون بمحمدٍ ﷺ، وبما جاء به مِن عندِ اللهِ مِن آياتِه -وآياتُه: أعلامُه وحُجَجُه الدالَّةُ على نُبُوتِه- لِتَعْقِلوا وتَفْهَموا أنه مُحِقٌّ صادقٌ فتؤمنوا به وتتَّبِعوه.

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ﴾.


(١) في ت ١، ت ٢، ت ٣: "وأمر منهم بالاختبار".