للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قُوَّةً، تَسمَعُ لها حركةً إذا أكَلوا كحركةِ الجِرَّةِ (١) من الإبلِ، أو كقَضمِ البغلِ (٢) المُسِنِّ، أو الفَرَسِ القَويِّ، وهم هُلْبٌ (٣)، عليهم مِن الشعرِ في أجسادِهم ما يُوارِيهم، وما يَتَّقون به الحرَّ والبردَ إذا أصابَهم، ولكلِّ واحدٍ مِنهم أُذُنانِ عظيمَتانِ؛ إحدَاهما وَبِرَةٌ ظهرُها وبطنُها، والأُخرَى زَغِبَةٌ (٤) ظهرُها وبطنُها، تَسَعانِه إذا لَبِسَهما، يَلتَحِفُ إحدَاهما، ويَفترِشُ الأُخرَى، ويَصِيفُ في إحداهما، ويَشتُو (٥) في الأُخرَى، وليس منهم ذكرٌ ولا أنثى إلا وقد عرَف أجلَه الذي يموتُ فيه، ومَنقَطَعَ عُمُرِه؛ وذلك أنه لا يموتُ ميِّتٌ من ذكُورِهم حتى يَخرُجَ مِن صُلبِه ألفُ ولدٍ، ولا تموتُ الأنثى حتى يخرُجَ مِن رَحمِها ألفُ ولدٍ، فإذا كان ذلك أيقَنَ بالموتِ، وهم يُرزَقُون التِّنِّينَ (٦) في أيامِ الربيعِ، ويَستَمطِرونَه إذا تَحَيَّنوه كما نَستَمطِرُ الغيثَ لحينِه، فيُقذَفون منه كلَّ سنةٍ بواحدٍ، فيَأكلُونه عامَهم كلَّه إلى مثلِها مِن العامِ القابلِ، فيُغنِيهم على (٧) كَثرَتِهم ونَمَائِهم، فإذا مُطِروه أخصَبُوا وعاشوا وسَمِنوا عليه، ورُئِيَ أثرُه عليهم، فدَرَّتْ عليهم (٨) الإناتُ، وشَبِقَتْ منه الرجالُ الذُّكورُ، الرجالُ الذُّكورُ،


(١) الجِرَّة: ما يَفِيض به البعيرُ مِن كَرِشه فيأكُلُه ثانيةً. تاج العروس (ج ر ر).
(٢) في م: "الفحل".
(٣) الهُلْب: كثرة الشعر. تاج العروس (هـ ل ب).
(٤) زغِبَةٌ: مِن الزَّغَب. وهو صِغارُ الشَّعَرِ والرِّيشِ ولَيِّنُه. يُنظر تاج العروس (زغ ب).
(٥) في ص، م، ت ١، ت ٢، ف: "يشتى". وكلاهما صواب.
(٦) التنين: ضَرْبٌ من الحَيَّات من أعْظَمِها كأكبر ما يكون منها، جاء في بعض الأخبار أن السحابة تحمل التنين إلى بلاد يأجوج ومأجوج فتَطْرَحُه فيها، وأنهم يجتمعون على لحمه فيأكلونه. ينظر لسان العرب (ت ن ن).
(٧) في ص، ت ١، ف: "عن". و "على" هنا بمعنى رغم.
(٨) في الأصل: "عليه".