للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكانت عامة قرأةِ الكوفيين (١) يقرءونه: ﴿وَإِنَّ اللَّهَ﴾ بكسر "إن" بمعنى النسَقِ على قوله: ﴿فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ﴾.

ورُوى عن أُبيِّ بن كعبٍ أنه كان يقرؤُه: (فإنما يقول له كن فيكون إن الله ربى وربكم) بغير واوٍ (٢).

والقراءة التي نختارُ فى ذلك: الكسر على الابتداء. وإذا قُرِئ كذلك لم يكن لها موضعٌ، وقد يجوز أن تكون عطفًا على "إن" التى مع قوله: ﴿قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ﴾ - ﴿وَإِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ﴾. ولو قال قائلٌ، ممن قرأ ذلك نصبًا: نُصِبَ على العطفِ على "الكتاب" بمعنى: أتاني الكتاب، وأتانيَ أنَّ الله ربِّي وربُّكم، كان وجهًا حسنًا.

ومعنى الكلام: وإنى وأنتم أيُّها القومُ جميعًا لله عبيدٌ، فإيَّاه فاعبدوا دونَ غيره.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

ذكرُ من قال ذلك:

حدَّثنا ابن حميدٍ، قال: ثنا سلمةُ، عن ابن إسحاق، عمن لا يَتَّهِمُ، عن وهب ابن منبِّهٍ، قال: عهد إليهم حين أخبرهم عن نفسه ومولده وموته وبعثه: (أنَّ الله ربى ورَبُّكُم فاعبدُوهُ هذا صراطٌ مستقيم)، أي: إنِّى وإيَّاكم عبيد الله، فاعبُدوه ولا تعبُدُوا غيرَه.


(١) وهى قراءة ابن عامر وعاصم وحمزة والكسائي. ينظر السبعة لابن مجاهد ص ٤١٠.
(٢) هي قراءة شاذة. ينظر البحر المحيط ٦/ ١٨٩.