للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والقُرْقورَ قَراقيرَ، والزُّنْبورَ زَنابيرَ، فاجتمعتْ ياءُ "فَعاليلَ" ولامُها وهما جميعًا ياءان، فأُدْغِمت إحداهما في الأخرى فصارتا ياءً واحدةً مشددةً.

فأما القراءةُ التى لا يجوزُ غيرُها لقارئٍ عندي في ذلك، فتشديدُ ياءِ "الأمانيِ"، لإجماعِ القَرَأةِ على أنَّها القراءةُ التى مضى على القراءةِ بها السلفُ، مستفيضٌ ذلك بينهم غيرُ مدفوعةٍ صحتُه، وشذوذِ القارئِ بتخفيفِها عما عليه الحُجَّةُ مُجْمِعةٌ في ذلك، [وكفَى شاهدًا على خطأِ] (١) قارئِ ذلك [بتخفيفِه إجماعُها] (٢) على تخطئتِه (٣).

القولُ في تأويلِ قولِه جلّ ثناؤه: ﴿وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ﴾.

يعنى بقولِه جل ثناؤُه: ﴿وَإِنْ هُمْ﴾: وما هم. كما قال جل ثناؤُه: ﴿قَالَتْ لَهُمْ رُسُلُهُمْ إِنْ نَحْنُ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ﴾ [إبراهيم: ١١]. يعنى بذلك: ما نحن إلَّا بشرٌ مثلُكم. ومعنى قولِه: ﴿إِلَّا يَظُنُّونَ﴾: إلَّا (٤) يشكُّون ولا يَعْلمون حقيقتَه وصحتَه. والظنُّ في هذا الموضعِ شَكٌّ.

فمعنى الآيةِ: ومنهم مَنْ لا يَكْتُبُ ولا يَخُطُّ ولا يَعْلَمُ كتابَ اللهِ ولا يَدْرِى ما فيه إلَّا تَخَرُّصًا وتَقَوُّلًا على اللهِ الباطلَ، ظنًّا منه أنه مُحِقٌّ في تَخَرُّصِه وتَقَوُّلِه الباطلَ، وإنما وصَفَهم اللهُ تعالى ذكرُه بأنهم في تَخَرُّصِهم على ظنٍّ، [هل هم فيه مُحِقُّون أم مُبْطِلونْ] (٥)؛ لأنهم كانوا قد سَمِعوا من رؤسائِهم وأحبارِهم أمورًا حَسِبوها من كتابِ


(١) في م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "وكفى خطأ على".
(٢) في م: "بتخفيفها إجماعًا".
(٣) تقدم أن القراءة بتخفيف الياء قراءة أبى جعفر المدني، وهى قراءة متواترة.
(٤) في م: "لا".
(٥) في م: "أنهم محقون وهم مبطلون"، وفى ت ١، ت ٢، ت ٣: "أنهم محقون أم مبطلون".