للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقولُه: ﴿لِنُرِيَكَ مِنْ آيَاتِنَا الْكُبْرَى﴾. يقولُ: واضمُمْ يدَك يا موسى إلى جَناحِك تخرُجْ بيضاءَ من غيرِ سوءٍ، كى نُريَك من أدلَّتِنا (١) الكبرى على عظيمِ سلطانِنا وقدرتِنا. وقال: ﴿الْكُبْرَى﴾ فوحَّد، وقد قال: ﴿مِنْ آيَاتِنَا﴾. كما قال: ﴿لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى﴾ [طه: ٨]. وقد بيَّنا ذلك هنالك (٢). وكان بعضُ أهلِ البصرةِ يقولُ (٣): إنما قيل: ﴿الْكُبْرَى﴾؛ لأنه أُرِيد بها التقديمُ، كأن معناها عندَه: لنريَك الكُبرى من آياتِنا.

القولُ في تأويلِ قولِه جل ثناؤُه: ﴿اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى (٢٤) قَالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي (٢٥) وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي (٢٦) وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي (٢٧) يَفْقَهُوا قَوْلِي (٢٨) وَاجْعَلْ لِي وَزِيرًا مِنْ أَهْلِي (٢٩) هَارُونَ أَخِي (٣٠)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه لنبيِّه موسى: اذْهَبْ يا موسى ﴿إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى﴾. يقولُ: تجاوَز قدْرَه، وتمرَّد على ربِّه. وقد بيَّنا معنى "الطغيانِ" فيما مضى بما أَغْنَى عن إعادتِه في هذا الموضعِ (٤). وفى الكلامِ محذوفٌ اسْتُغنى بفهمِ السامعِ بما ذُكِر منه، وهو قولُه: اذْهَبْ إلى فرعونَ إِنه طَغَى، فادْعُه إلى توحيدِ اللهِ وطاعتِه، وإرسالِ بنى إسرائيلَ معك.

﴿قَالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي﴾. يقولُ جلّ ثناؤُه: قال موسى: ﴿رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي﴾. [يقولُ: اشْرَحْ لى صَدْرى] (٥) لأعِيَ عنك ما تُودِعُه مِن وحيِك، وأجْترئَ به على خطابِ فرعونَ،

﴿وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي﴾. يقولُ: وسَهِّلْ لى (٦)


(١) في ت ١: "آياتنا".
(٢) ينظر ما تقدم في ص ١٧.
(٣) هو أبو عبيدة في مجاز القرآن ٢/ ١٨.
(٤) ينظر ما تقدم في ١/ ٣٢٠، ٣٢١.
(٥) سقط من: ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣.
(٦) سقط من: ت ٢، وفى ص، م، ت ١، ت ٣، ف: "على".