للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذلك إلى: فأَحْكموا كيدَكم واعْزموا عليه. من قولهم: أجْمَع فلانٌ الخروجَ، وأجْمَع على الخروج. كما يقالُ: أزْمَع عليه. ومنه قولُ الشاعر (١):

يا ليت شِعْرِى والمُنَى لا تَنْفَعُ … هل أَغْدُونْ يومًا وأَمْرِى مُجْمَعُ

يعنى بقوله: مُجْمَعُ: قد أُحْكم وعُزم عليه. ومنه قولُ النبيِّ ﷺ: "من لم يُجْمِعْ على الصومِ مِن الليل فلا صومَ له" (١).

وقرأ ذلك بعضُ قرَأة أهل البصرة: (فاجْمَعوا كَيْدَكم). بوصل الألف وترك همزِها (٢)، من: جمَعْتُ الشيءَ. كأنه وجَّهه إلى معنى: فلا تَدَعوا من كيدكم شيئًا إلا جئْتُم به.

وكان بعضُ قارئى هذه القراءةِ يَعْتَلُّ فيما ذُكِر لى لقراءته ذلك كذلك بقوله: ﴿فَتَوَلَّى فِرْعَوْنُ فَجَمَعَ كَيْدَهُ﴾.

والصوابُ في قراءة ذلك عندنا همزُ الألفِ مِن "أَجْمَع"؛ لإجماعِ الحُجَّةِ مِن القرأة عليه، وأن السَّحَرةَ هم الذين [قيل لهم ذلك، ولم يحضُروا ذلك المشهد إلا لما كان عندَهم من السحر الذي] (٣) كانوا به معروفين، فلا وجه لأن يُقال لهم: اجمعُوا ما دُعيتُم له مما أنتم به عالمون (٤)؛ لأن المرْءَ إنما يَجْمَعُ ما لم يَكُنْ عنده إلى ما عندَه، ولم يَكُنْ ذلك يومَ (٥) يَزِيدُ في علمِهم بما كانوا يَعْلمونه (٦) من السحر، بل كان يومَ


(١) تقدم تخريجه في ١٢/ ٢٣١.
(٢) هي قراءة أبي عمرو. حجة القراءات ص ٤٥٦.
(٣) سقط من: ص، م، ت ١، ت ٣، ف.
(٤) في ت ٢: "عاملون".
(٥) في ت ٢: "يوما".
(٦) في م، ت ٢: "يعملونه".