للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثني محمد بن سعد، قال: ثنى أبي، قال: ثنى عمي، قال: ثنى أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قوله: ﴿لَا تَرَى فِيهَا عِوَجًا وَلَا أَمْتًا﴾. يقولُ: لا تَرَى فيها ميلًا، والأمْتُ الأَثَرُ مثلُ الشِّرَاكِ (١).

وقال آخرون: الأَمْتُ المَحانِي والحدابُ (٢).

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيدٌ، عن قَتادةَ، قال: الأمْتُ الحَدَبُ.

وأَوْلى الأقوال في ذلك بالصواب قولُ مَن قال: عَنى بالعوج الميل؛ وذلك أن ذلك هو المعروف في كلام العرب.

فإن قال قائلٌ: وهل في الأرضِ اليومَ مِن عِوَجٍ فيقال: لا تَرَى فيها يومئذٍ عِوَجًا؟

قيل: إن معنى ذلك: ليس فيها أوديةٌ وموانع تمنع الناظر أو السائر فيها عن الأخذ على استقامةٍ، كما يحتاج اليومَ مَن أخذ في بعض سُبُلِها إلى الأخذ أحيانًا يمينًا وأحيانًا شمالًا، لما فيها من الجبال والأودية والبحار.

وأما "الأمْتُ" فإنه عند العرب الانْثِناءُ والضَّعْفُ. مسموعٌ منهم: مَدَّ حَبْلَه حتى ما تَرَك فيه أمْتًا. أي: انْثِناءً، ومَلأَ سِقاءَه حتى ما تَرَك فيه أمْتًا. ومنه قولُ الراجزِ (٣):


(١) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٤/ ٣٠٨ إلى ابن أبي حاتم.
(٢) في م: "الأحداب". وكلاهما جمع الحدب.
(٣) هو العجاج، والبيت في اللسان (أ م ت)، (خ م س) وروايته:
ما في انطلاق ركبه من أمت.