للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حدَّثنى المثنى، قال: ثنا عبدُ اللهِ بنُ صالحٍ، قال: حدَّثنى مُعاويةُ بنُ صالحٍ، عن علىِّ بنِ أبى طلحةَ، عن ابنِ عباسٍ: ﴿وَآتُوا الزَّكَاةَ﴾: يعنى بالزكاةِ طاعةَ اللهِ تعالى ذكرُه والإخلاصَ (١).

القولُ في تأويل قولِه جلَّ ثناؤُه: ﴿ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِنْكُمْ وَأَنْتُمْ مُعْرِضُونَ (٨٣)﴾.

وهذا خبرٌ مِن اللهِ تعالى ذكرُه عن يهودِ بنى إسرائيلَ، أنهم نكَثوا عهدَه، ونقَضوا مِيثاقَه، بعدَ ما أخَذ مِيثاقَهم على الوفاءِ له بأن لا يَعْبُدوا غيرَه، وبأن يُحْسِنوا إلى الآباءِ والأمهاتِ، ويَصِلوا الأرْحامَ، ويَتَعَطَّفوا على الأيْتامِ، ويُؤَدُّوا حُقوقَ أهلِ المسكَنةِ إليهم، ويَأْمُرُوا عبادَه بما أمَرَهم اللهُ به، ويَحُثُّوهم على طاعتِه، ويُقِيموا الصلاةَ بحُدودِها وفَرائضِها، ويُؤتوا زَكَواتِ أموالِهم، فخالَفوا أمْرَه في ذلك كلِّه، وتوَلَّوْا عنه مُعْرِضِين، إلا مَن عصَم اللهُ منهم، فوَفَى للهِ بعهدِه وميثاقِه.

كما حدَّثنا أبو كُرَيْبٍ، قال: ثنا عثمانُ، عن بشرٍ، عن أبى رَوْقٍ، عن الضَّحَّاكِ، عن ابنِ عباسٍ، قال: لا فرَض اللهُ عليهم -يعنى على هؤلاء الذين وصَف اللهُ أمْرَهم في كتابِه مِن بنى إسرائيلَ- هذا الذى ذكَر أنه أخَذ مِيثاقَهم به، أعْرَضوا عنه اسْتِثْقالًا لَه (٢) وكَراهيةً، وطلَبوا ما خَفّ عليهم، إلا قليلًا منهم، وهم الذين استثْنَى اللهُ تعالى ذكرُه فقال: ﴿ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ﴾. يقولُ: أعْرَضْتُم عن طاعتى ﴿إِلَّا قَلِيلًا مِنْكُمْ﴾. قال: القَلِيلُ الذين اخْتَرتُهم لطاعتى، وسيَحِلُّ عِقابى بمَن تَوَلَّى وأعْرَض عنها. يقولُ: ترَكها اسْتِخْفافًا بها (٣).


(١) أخرجه ابن أبى حاتم في تفسيره ١/ ٩٩ (٤٦٤) من طريق أبى صالح به.
(٢) سقط من: م.
(٣) عزاه السيوطي في الدر المنثور ١/ ٨٦ إلى المصنف.