للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقولُه: ﴿وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ﴾. يقولُ تعالى ذكرُه: وأَوْحَينا فيما أوحَينا: أن افْعَلوا الخيراتِ، وأقِيموا الصلاةَ بأمْرِنا بذلك. ﴿وَكَانُوا لَنَا عَابِدِينَ﴾. يقولُ: كانوا لنا خاشِعِين، لا يَسْتَكْبِرون عن طاعتِنا وعبادتِنا.

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿وَلُوطًا آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ تَعْمَلُ الْخَبَائِثَ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فَاسِقِينَ (٧٤)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه: وآتَينا لوطًا حُكْمًا، وهو فَضْلُ القضاءِ بينَ الخصومِ. ﴿وَعِلْمًا﴾. يقولُ: وآتَيناه أيضًا عِلْمًا بأمْرِ دينِه، وما يجبُ عليه للَّهِ مِن فرائضِه.

وفى نَصْبِ "لوط" وجهان؛ أن يُنْصَبَ لتعلُّقِ الواوِ بالفعلِ، كما قلنا: وآتَينا لوطًا. والآخرُ، بمضمرٍ بمعنى: واذكُرْ لوطًا.

وقولُه: ﴿وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ تَعْمَلُ الْخَبَائِثَ﴾. يقولُ: ونَجَّيناه مِن عذابِنا الذي أحْلَلْناه بأهلِ القريةِ التي كانت تعملُ الخبائثَ، وهي قريةُ سَدُومَ التي كان لوطٌ بُعِث إلى أهلِها، وكانت الخبائث التي يَعْمَلُونها؛ إتيانَ الذُّكران في أدْبارهم، وحَذْفَهم (١) الناسَ، وتَضارُطَهم في أنديَتِهم، مع أشياءَ أُخَرَ كانوا يَعْمَلُونَها مِن المُنكرِ، فأخرَجَه اللهُ حينَ أراد إهلاكَهم إلى الشامِ.

كما حدَّثنا موسى، قال: ثنا عمرٌو، قال: ثنا أسباطُ، عن السُّدِّيِّ، قال: أخرَجهم اللهُ - يعنى لوطًا وابنتَيه ريثا وزغرتا (٢) - إلى الشامِ حينَ أرادَ إهلاكَ قومِه (٣).

وقولُه: ﴿إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فَاسِقِينَ﴾. مُخالِفين أمرَ اللَّهِ، خارِجين عن طاعتِه وما يَرْضَى من العملِ.


(١) في م: "خذفهم".
(٢) في م: "زعرثا".
(٣) تقدم تخريجه في ١٢/ ٤٩٧.