للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قد طرَدها، وليس عندَه طعامٌ ولا شرابٌ ولا صَديقٌ. قال الحسنُ: ومرَّ به رجلانِ وهو على تلك الحالِ، ولا واللهِ ما على ظهْرِ الأرضِ يومئذٍ أكرَمُ على اللهِ من أيوبَ، فقال أحدُ الرجلين لصاحبِه: لو كان للهِ في هذا حاجةٌ ما بلَغ به هذا. فلم يسمَعْ أيوبُ شيئًا كان أشدَّ عليه من هذه الكلمةِ (١).

حدَّثنا القاسمُ، قال: ثنا الحسينُ، قال: ثنى حجاجٌ، عن جريرِ بن حازمٍ، عن عبدِ اللهِ بن عُبيدِ بن عُميرٍ، قال: كان لأيوبَ أخوانِ، فقامت من بعيدٍ لا يقدِرانِ أن يدنوَا منه من ريحِه، فقال أحدُهما لصاحبِه: لو كان اللهُ علِم في أيوبَ خيرًا ما ابتَلاه بما أرَى. قال: فما جزِع أيوبُ من شيءٍ أصابه جزَعَه من كلمةِ الرجل، فقال أيوبُ: اللهمَّ إن كنتَ تعلَمُ أنى لم أبِتْ ليلةً شبعانَ قطُّ وأنا أعلَمُ مكانَ جائعٍ فصَدِّقْنى، فصُدِّق وهما يسمعانِ، ثم قال: اللهمَّ إن كنتَ تعلَمُ أني لم أتخِذْ قميصَين قطُّ وأنا أعلَمُ مكان عادٍ فَصَدِّقْنى. فصُدِّق وهما يسمعانِ. قال: ثم خَرَّ ساجدًا (٢).

فحدَّثنا القاسمُ، قال: ثنا الحسينُ، قال: فحدَّثني مخلدُ بنُ الحسينِ، عن هشامٍ، عن الحسنِ، قال: فقال: ربِّ ﴿أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ﴾. ثم ردَّ ذلك إلى رَبِّه فقال: ﴿وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ﴾ (٣).

حدَّثنا القاسمُ، قال: ثنا الحسينُ، قال: ثنى حجاجٌ، عن جريرٍ، عن عبدِ اللهِ بن عبيدِ بن عميرٍ، قال: فقيل له: ارفَعْ رأسَك فقد استُجِيب لك.


(١) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٤/ ٣٢٨، ٣٢٩ إلى المصنف.
(٢) أخرجه ابن أبي حاتم - كما في البداية والنهاية ١/ ٥١٠ - وابن عساكر في تاريخه ١٠/ ٦٢ من طريق جرير بن حازم به، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٤/ ٣٢٧ إلى ابن أبي شيبة وأحمد في الوهد وعبد بن حميد وابن المنذر.
(٣) أخرجه ابن عساكر في تاريخه ١٠/ ٦٣ من طريق مخلد بن الحسين به.