للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

معهم إذا قالوا، والدُّخانُ، والدَّابَّةُ، ثم يأجوجُ ومأجوجُ". قال حُذيفةُ: قلتُ: يا رسولَ اللَّهِ، ما يأجوجُ ومأجوجُ؟ قال: "يأجوجُ ومأجوجُ أُمَمٌ؛ كلُّ أُمَّةٍ أربعمائةِ ألْفٍ، لا يموتُ الرَّجُلُ منهم حتى يَرَى أَلفَ عينٍ تُطْرِقُ (١) بينَ يَدَيْهِ مِن صُلْبِه، وهم وَلَدُ آدمَ، فيَسيرونَ إلى خَرابِ الدُّنْيا، ويكونُ مُقَدِّمَتُهم بالشام وساقَتُهم بالعراقِ، فيَمُرُّون بأنهارِ الدُّنيا، فيَشْربون الفُراتَ والدِّجْلَةَ وبُحِيرَةَ الطَّبَرِيَّةِ، حتى يَأْتوا بيتَ المَقْدِسِ، فيَقُولُونَ: قد قَتَلْنا أهلَ الدُّنيا، فقاتلوا مَنْ في السماءِ، فيَرْمُون بالنُّشَّابِ إلى السماءِ، فَتَرْجِعُ نُشَّابُهم (٢) مُخَضَّبَةً بالدَّمِ، فَيَقُولُونَ: قد قَتَلْنا مَن في السماءِ. وعيسى والمسلمون بجَبَلِ طُورِ سِينِينَ، فيُوحِى اللَّهُ جلَّ وعزَّ إلى عيسى: أَن أَحْرِزْ عبادى بالطُّورِ، وما يَلِى أَيْلَةَ (٣). ثم إن عيسى يَرْفَعُ يَدَيْهِ (٤) إلى السماءِ، ويُؤَمِّنُ المسلمون، فيَبْعَثُ الله عليهم دابَّةً يُقالُ لها: النَّغَفُ. تَدْخُلُ مِن مَناخِرِهم، فيُصْبِحونَ مَوْتَى، مِن حاقِّ الشامِ إلى حاقِّ العراقِ (٥)، حتى تُنْتِنَ الأرضُ مِن جِيَفِهم، ويَأْمُرُ اللَّهُ السماءَ فتُمْطِرُ كأفْواهِ القِرَبِ، فتَغْسِلُ الأَرضَ من جِيَفِهم ونَتْنِهم، فعندَ ذلك طُلوعُ الشمسِ مِن مَغْرِبها" (٦).

حدَّثنا ابن حُمَيدٍ، قال: ثنا حَكَّامٌ، عن أبي جعفرٍ، عن الرَّبيعِ، عن أبي العاليةِ، قال: إن يأجوجَ ومأجوجَ يَزيدون على سائرِ الإنسِ الضَّعْفَ، وإن الجنَّ يزيدون على


(١) في م، ت ١: "تطرف".
(٢) النُّشَّاب: السِّهام، واحدته: نُشَّابَة. تاج العروس (ن ش ب).
(٣) أَيْلَة: مدينة على ساحل بحر القُلْزُم - البحر الأحمر الآن - مما يلى الشام. وقيل: هي آخر الحجاز وأول الشام. معجم البلدان ١/ ٤٢٢.
(٤) في م، ت ٢: "رأسه"، وفى ت ١، ف: "راية". والمثبت من ص موافق لما في الدر المنثور.
(٥) يقال: لَقيتُه عند حاقِّ المسجد، وعند حقِّ بابه. أي بقُربه. ينظر تاج العروس (ح ق ق).
(٦) أخرجه أبو عمرو الدانى في السنن الواردة في الفتن (٦٧٦) من طريق ربعي به مختصرًا نحوه، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٤/ ٣٣٧ إلى المصنف.