للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

طاعتَه، وإيثارِهم الكفرَ به والخسيسَ مِن الدنيا عليه، فلا (١) حَظَّ لهم في نعيمِ الآخرةِ، وأن الذى لهم في الآخرةِ العذابُ، غيرُ مُخَفَّفٍ عنهم فيها العقابُ؛ لأنَّ الذى يُخَفَّفُ عنه فيها مِن العذابِ هو الذى له حَظٌّ في نَعِيمِها، ولا حَظَّ لهؤلاءِ لاشترائِهم (٢) -كان في الدنيا (٣) - دنياهم بآخرتِهم.

وأمَّا قولُه: ﴿وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ﴾. فإنه أخبر عنهم أنهم لا يَنْصُرُهم في الآخرةِ أحدٌ فَيَدْفَعَ عنهم بنُصْرَتِه عذابَ اللهِ، لا بقوَّةٍ (٤)، ولا بشفاعةٍ (٥) ولا غيرِهما.

القولُ في تأويلِ قولِه جل ثناؤه: ﴿وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَقَفَّيْنَا مِنْ بَعْدِهِ بِالرُّسُلِ﴾.

يعنى بقولِه جلَّ ثناؤه: ﴿آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ﴾: أنزلناه إليه.

وقد بَيَّنَّا أن معنى الإيتاءِ الإعطاءُ، فيما مضَى قبلُ (٦).

والكتابُ الذى آتاه اللهُ موسى ﵇ هو التوراةُ.

وأمَّا قولُه: ﴿وَقَفَّيْنَا﴾. فإنه يعنى: وأَرْدَفْنا وأَتْبَعْنا بعضَهم خلفَ بعضٍ، كما يَقْفُو الرجلُ الرجلَ إذا سار في أَثَرِه مِن ورائِه، وأصلُه مِن القَفَا، يقالُ منه: قَفَوْتُ فلانًا: إذا صِرْتَ خلفَ قفاه، كما يقالُ: دَبَرْتُه: إذا صِرْتَ في دُبُرِه.

ويعنى بقولِه: ﴿مِنْ بَعْدِهِ﴾: مِن بعدِ موسى.

ويعنى ﴿بِالرُّسُلِ﴾: الأنبياءَ، وهم جَمْعُ رسولٍ، يقالُ: هو رسولٌ، وهم


(١) في م: "لا".
(٢) بعده في م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "الذى".
(٣) بعده في م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "و".
(٤) في م: "بقوته".
(٥) في م: "بشفاعته".
(٦) ينظر ما تقدم في ص ٥١.