للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فأنزل الله هذه الآيةَ: ﴿ذَلِكَ وَمَنْ عَاقَبَ بِمِثْلِ مَا عُوقِبَ بِهِ ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ﴾. بأن بُدئ بالقتال، وهو له كارهٌ، ﴿لَيَنْصُرَنَّهُ اللَّهُ﴾.

وقولُه: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ﴾. يقولُ تعالى ذكرُه: إن اللهَ لذو عفوٍ وصفحٍ لمن انتصر ممَّن ظلَمه -من بعدِ ما ظلَمه الظالمُ- بحقٍّ، ﴿غَفُورٌ﴾ لِما (١) فعل ببادئِه بالظلمِ، مثلَ الذي فُعل به، غيرُ معاقبِه عليه.

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَأَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ (٦١)﴾.

يعنى تعالى ذكرُه بقولِه: ﴿ذَلِكَ﴾: هذا النصرُ الذي أنصرُه من بُغى عليه على الباغي؛ بأنى القادرُ على ما أشاءُ، فمن قُدرتِه أن ﴿يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ﴾. يقولُ: يُدخِلُ ما ينقُصُ من ساعاتِ الليلِ في ساعاتِ النهارِ، فما نقَص من هذا زاد فى هذا، ﴿وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ﴾: ويُدخِلُ ما انتقص من ساعاتِ النهارِ فى ساعاتِ الليلِ، فما نقَص من طولِ هذا، زاد في طولِ هذا، وبالقُدرةِ التي تفعل ذلك ينصُرُ محمدًا ﷺ وأصحابَه على الذين بغَوا عليهم فأخرَجوهم من ديارِهم وأموالِهم، ﴿وَأَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ﴾. يقولُ: وفعَل ذلك أيضًا بأنه ذو سمعٍ لما يقولون من قولٍ، لا يخفَى عليه منه شيءٌ، بصيرٌ بما يعملون، لا يغيبُ عنه منه شيءٌ، كلُّ ذلك منه بمرأًى ومسمعٍ، وهو الحافظُ لكلِّ ذلك، حتى يجازِىَ جميعَهم على ما قالوا وعمِلوا من قولٍ وعملٍ جزاءَه.

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ (٦٢)﴾.


(١) فى ت ١: "لمن".