للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقولُه: ﴿وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُمْ مَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ﴾. يقولُ تعالى ذِكرُه: وتقولون بأفواهِكم ما ليسَ لكم به علمٌ مِن الأمرِ الذي تَرْوُونه، فتقولون: سمِعْنا أن عائشةَ فعَلتْ كذا وكذا. ولا تعلمون حقيقةَ ذلك ولا صحتَه، ﴿وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا﴾: وتظنون أن قولَكم ذلك، وروايتَكموه بألسنتِكم، وتلقِّيَكموه بعضُكم من (١) بعضٍ، هيِّنٌ سهلٌ، لا إثمَ عليكم فيه ولا حرجَ، ﴿وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ﴾. يقولُ: وتلقِّيكم ذلك كذلك، وقولُكموه بأفواهِكم - عندَ اللَّهِ عظيمٌ مِن الأمرِ؛ لأنَّكم كنتُم تؤذون به رسولَ اللهِ ﷺ وحليلَتَه (٢).

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿وَلَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ مَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهَذَا سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ (١٦)﴾.

يقولُ تعالى ذِكرُه: فلولا أيها الخائضون في الإفكِ الذي جاءت به عصبةٌ منكم، إذ سمِعْتموه ممن جاءَ به، قلتُم: ما يحلُّ لنا أن نتكلَّمَ بهذا، وما ينبغي لنا أن نتفوَّهَ به، ﴿سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ﴾: تنزيهًا لك يا ربِّ، وبراءةً إليك مما جاء به هؤلاء، ﴿هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ﴾: يقولُ: هذا القولُ بهتانٌ عظيمٌ.

القولُ في تأويلِ قولِه تعالَى: ﴿يَعِظُكُمُ اللَّهُ أَنْ تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَدًا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (١٧) وَيُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (١٨)﴾.

يقولُ تعالَى ذِكرُه: يذكِّرُكم اللهُ وينهاكُم بآيِ كتابِه لئلا تعودُوا لمثلِ فعلِكم الذي فعلتُموه في أمرِ عائشةَ مِن تلقِّيكم الإفكَ الذي رُوِى عليها بألسنتِكم، وقولِكم بأفواهِكم ما ليسَ لكم به علمٌ فيها، أبدًا، ﴿إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾. يقولُ: إن كنتُم


(١) في م، ف: "عن".
(٢) في ت ١، ف: "خليلته".