للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فالجزاءُ للمستقبَلِ، والولادةُ كلُّها قد مضَت، وذلك أن المعنى معروفٌ، فجاز ذلك.

قال: ومثلُه في الكلامِ: إذا نظَرْتَ في سيرةِ عمرَ لم يُسِئْ (١). المعنى: لم تَجِدْه أساء. فلما كان أمرُ عمرَ لا يُشَكُّ في مُضِيِّه، لم يَقَعْ في الوَهْمِ أنه مُسْتَقْبَلٌ، فلذلك صَلَحت: ﴿مِنْ قَبْلُ﴾ مع قولِه: ﴿فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنْبِيَاءَ اللهِ مِنْ قَبْلُ﴾.

قال: وليس الذين خوطِبوا بالقتلِ هم القَتَلةَ، إنما قتَل الأنبياءَ أسلافُهم الذين مَضَوْا، فتوَلَّوْهم (٢) على ذلك ورَضُوا، فنُسِب القتلُ إليهم.

والصوابُ في ذلك من القولِ عندنا أن اللهَ تعالى ذكرُه خاطَب الذين أدرَكُوا رسولَ اللهِ ﷺ من يهودِ بني إسرائيلَ -بما خاطَبهم به (٣) في سورةِ "البقرةِ" وغيرِها من سائرِ السورِ- بما سلَف من إحسانِه إلى أسلافِهم، وما (٤) سلَف من كُفْرانِ أسلافِهم نِعَمَه، وارتكابِهم معاصيَه، واجترائِهم عليه وعلى أنبيائِه، فأضاف (٥) ذلك إلى المخاطَبين به، نظيرَ قولِ العربِ بعضِها لبعضٍ: فعَلْنا بكم يومَ كذا (٦) وكذا، وفعلْتُم بنا يومَ كذا (٦) وكذا -على نحوِ ما قد بيّنّا في غيرِ موضعٍ من كتابِنا هذا (٧) - يَعْنُون بذلك أن أسلافَنا فعَلُوا ذلك بأسلافِكم، وأن أوائلَنا فعَلُوا ذلك بأوائِلكم،


(١) في م: "تجده يسئ".
(٢) في م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "قتلوهم".
(٣) سقط من: م، ت ١، ت ٢، ت ٣.
(٤) في م: "بما".
(٥) في م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "وأضاف".
(٦) بعده في م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "كذا".
(٧) ينظر ما تقدم في ١/ ٦٤٢، ٦٤٣.